السائدة قبل الزلزال، وألزم جميع السفن الوافدة أن تفرغ شحناتها من الطعام وتبعها بتلك السعار. وأعانه تدفق الذهب البرازيلي الذي لم ينضب، فأشرف على إعادة بناء لشبونة سريعاً بطرق مشجرة عريضة وشوارع جيدة الرصف والإضاءة. وقلب المدينة كما نراه اليوم من صنع المعماريين والمهندسين الذين اشتغلوا تحت إشراف بومبال (١٢).
وكان لنجاحه في هذه الكارثة التي أضعفت معنوية الأمة الفضل في ترسيخ قدمه في الوزارة واضطلع الآن بعملين بعيدي الأثر: أولهما تخليص الحكم من سيطرة الكنيسة، والآخر تحرير الاقتصاد من سيطرة بريطانيا. وتطلبت المهمتان رجلاً أوتي صلابة الفولاذ إلى صفات الوطنية والإباء ومضاء العزيمة التي لا تعرف شفقة أو رحمة.
وإذا كان عداؤه للأكليركية قد تركز على اليسوعيين فإنما السبب الأول هو أنه توجس منهم إثارة المقاومة لتملك البرتغال للأقاليم البارجوانية التي كان اليسوعيين منذ عام ١٦٠٥ ينظمون فيها أكثر من ١٠٠. ٠٠٠ هندي في إحدى وثلاثين مستوطنة، على أساس شبيه بالأنظمة الشيوعية في خضوع شكلي لأسبانيا (١٣). وكان الرواد من الأسبان والبرتغال قد سمعوا بوجود الذهب (الأسطوري تماماً) في تربة باراجوي. وشكا التجار من أن الآباء اليسوعيين يحتكرون تجارة الصادر الباراجوي ويضيفون الأرباح إلى أموال طائفتهم. ففي ١٧٥٠ فاوض بومبال لعقد معاهدة نزلت البرتغال بمقتضاها لأسبانيا عن مستعمرة سان سكرومنتو الغنية (على مصب الريودي لابلاتا) بديلاً عن سبع من المستوطنات اليسوعية المجاورة للحدود البرازيلية. واشترطت المعاهدة أن يهاجر الثلاثون ألف هندي المقيمون في هذه المستوطنات إلى أقاليم أخرى ويتخلوا عن الأرض للبرتغال الوافدين. وأمر فرديناند السادس ملك أسبانيا يسوعيي باراجوي بالرحيل عن المستوطنات وبإصدار الأمر لرعاياهم بالرحيل هدوء. وزعم اليسوعيون أنهم امتثلوا لهذه الأوامر، أما الهنود فقاموا في إصرار غاضب عنيف اقتضى التغلب عليه جيشاً برتغالياً ثلاث سنين. واتهم بومبال جماعة اليسوعيين بتشجيع هذه المقاومة سراً.