والمخاطرات والأهوال أصبحت روايته لها جزءاً من "عدة نصبه" في كثير من الأقطار.
فلما عاد ثانية إلى باريس اشتبك في مبارزة مع فتى يدعى الكونت نيكولا دلاتور دوقرن وأصابه بجرح، ثم شفاه بمرهم "سحري"، وكسب صداقته، فقدمه إلى عمة له غنية تسمى مدام دورفيه، كانت شديدة الإيمان بقوى السحر، ومؤملة أن تستعين بها على تغيير جنسها. واستغل كازونوفا سذاجتها، ووجد فيها وسيلة خفية للإثراء.
"إنني لا أستطيع وقد شخت الآن أن أرجع ببصري إلى هذا الفصل من حياتي دون أن أخمر خجلاً"(٤٣). وهذا اتصل على مدى فصول كثيرة أخرى من كتابه. وأضاف إلى دخله بالغش في لعب الورق، وتنظيم يانصيب للحكومة الفرنسية، وبالحصول على قرض لفرنسا من الأقاليم المتحدة. وفي الرحلة من باريس إلى بوكسل قرأت كتاب هلفتيوس "في الروح" طول الطريق. (٤٤)(ويقدم للمحافظين مثالاً مقنعاً من إنسان حر التفكير انقلب رجلاً فاسقاً وإن كانت المرحلة التالية هي العكس في أغلب الظن). وكان في كل محطة يلتقط خليلة، وفي كثير من المحطات يجد خليلة سابقة، وبين الحين والحين يقع مصادفة على ذرية له لم يقصد إنجابها.
وزار روسو في مونمورنسي، وفولتير في فرنيه (١٧٦٠) وقد سبق أن استمتعنا بشطر من ذلك الحديث الخاص بينهم. وإذا جاز لنا أن نصدق كازانوفا، فإنه اغتنم الفرصة ليوبخ فولتير على فضحه سخافات الميثولوجيا الشعبية:
كازانوفا: هيك نجحت في القضاء على الخرافة، فماذا تحل محلها؟
فولتير: يعجبني هذا! حين أخلص البشرية من وحش ضار يفترسها، أتسألني ماذا أحل محله؟