المعرفة، وهذا الحب وحده، هو الذي يستطيع إغرائي بالاستماع إلى الاقتراح الذي رض علي" (٥٢)(١).
وفي ١١ يوليو ١٧٥٤، في مصلى القاصد في درسدن، أعلن إيمانه الجديد، واتخذت الترتيبات لرحلته إلى روما. ولأسباب شتى مكث في درسدن عاماً آخر، ساكناً دارساً مع الرسام-النحات-الحفار آدم وايزن. وفي مايو ١٧٥٥ نشر في طبعة محدودة لم تتجاوز خمسين نسخة أول كتبه "خواطر في تقليد الآثار اليونانية في الرسم والنحت". وقد وصف فيه الآثار التي جمعت في درسدن، ورأى بالإضافة إلى هذا الوصف أن فهم اليونان للطبيعة كان أسمى من الفهم العصري لها، وهذا هو السر في التفوق الهليني في الفن. ثم اختتم بقوله "إن سبيلنا الوحيد إلى العظمة، بل إلى العظمة التي لا تحاكي … هو بمحاكاة القدماء" (٥٦). ومن رأيه أن روفائيل دون جميع الفنانين المحدثين هو الذي حقق هذا الهدف الأسمى. وكان هذا الكتيب علامة بداية للحركة الكلاسيكية الجديدة في الفن الحديث. وقد لقي قبولاً طيباً، وأجمع كلويشتوك وجوتشيد على الإشادة بعلمه وأسلوبه. وحصل الأب رواخ، كاهن الاعتراف الخاص بفردريك أوغسطس، لفنكلمان من الملك الناخب على معاش من مائتي طالر لكل من العامين التاليين، وأعانه بثمانين دوقاتية لرحلته إلى روما. وأخيراً، في ٢٠ سبتمبر ١٧٥٥، انطلق فنكلمان إلى إيطاليا في صحبة يسوعي شاب. وكان قد بلغ السابعة والثلاثين.
(١) أنظر "باتر" في مقاله الرائع عن فنكلمان "لعله كان يحس بعراقة ما وبشيء أشبه بالفخامة الوثنية في المذهب الكاثوليكي الروماني. وهو في انصرافه عن البروتستنتية المعقدة التي كانت مبعث سأم له في شبابه، وقد يدور في خلده أنه بينما كانت روما قد راضت نفسها على النهضة، فإن المبدأ البروتستانتي في الفن قد عزل ألمانيا عن تقليد الجمال العظيم" (٥٣). وكتب جوته في كتيب عن فنكلمان (١٨٠٤) "إن المزج الوثني يشع من جميع تصرفاته وكتاباته … ولا بد أن نذكر بعده عن كل أسلوب مسيحي في التفكير، لا بل كرهه العام لهذا الأسلوب، حين نحاول الحكم على هذا التحول المزعوم في مذهبه. فالفريقان اللذان انقسم إليهما الدين المسيحي كانا في نظره أمراً لا أهمية له على الإطلاق" (٥٤). "ولا تعني كلمة "وثني" بالضرورة الإلحاد. فطالما أكد فنكلمان إيمانه بالله، ولكن "بإله جميع الألسنة وأمم والمذاهب". (٥٥)