للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما بلغ روما لقي عنتاً في جمرك المدينة الذي صادر عدة مجلدات لفولتير من حقائبه، على أنها أعيدت له بعد ذلك. ووجد سكناً من خمسة مصورين في بيت على التل الينسي-الذي قدسته ظلال بوسان وكلود لوران. والتقى بمنجز، الذي أعانه بشتى الطرق الكثيرة. وأطلق له الكاردينال باسيونيي في العمل بمكتبته، ولكن فنكلمان كان إلى الآن يرفض أي وظيفة ثابتة لرغبته في ارتياد فن روما. فحصل على إذن بزيارات متكررة لبلفيدير الفاتيكان وأنفق الساعات أمام تماثيل أبوللو، وهرقول النصفي، واللاوكون، واتخذت أفكاره شكلاً أوضح بعد تأمله في هذه المنحوتات. وزار تيفولي وفراسكاتي وغيرهما من الضواحي ذات الأطلال القديمة. وأكسبه حبه للفن القديم صداقة الكردينال الساندور الباني، وأعطاه الكردينال أركنتو مسكناً في البلاتسوديللا كانسلليريا-وهو المقر البابوي، وفي مقابل هذه المنحة أعاد فنكلمان تنظيم مكتبة القصر. وأصبح الآن في سعادة غامرة. قال "لقد كان الله مديناً لي بهذا، فأنني قاسيت كثيراً جداً في شبابي" (٥٧). وكتب إلى صديق في ألمانيا كما كان يكتب عشرات الزوار الكبار:

"كل شيء صفر إذا قورن بروما! لقد ظننت فيما مضى أنني درست كل شيء دراسة كاملة، وهاأنذا أدرك بعد مجيئي أنني لم أعرف شيئاً. لقد أصبحت هنا أصغر مما كنت يوم خرجت من المدرسة إلى مكتبة بوناو. فإذا شئت أن تتعلم كيف تعرف الرجال، فهذا مكانك، هنا رؤوس ذات مواهب لا حد لها، رجال أوتوا قدرات فائقة، وآيات في الطابع الرفيع الذي خلعه اليونان على تماثيلهم … وكما أن الحرية التي يتمتع بها الناس في الدول الأخرى ليست إلا ظلَا إذا قيست بحرية روما-وهو ما قد تخاله مفرقة-كذلك تجد في هذه المدينة أسلوباً مختلفاً في التفكير. فروما في اعتقادي هي المدرسة العليا للعالم، وأنا أيضاً امتحنت فيها وهذبت" (٥٨).

وفي أكتوبر ١٧٥٧ غادر روما قاصداً نابلي مزوداً بخطابات تعريف.