للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنهما نسختان دقيقتان لصورة أثرية. وأدرج فنكلمان الصورتين في كتابه، واستعمل الرواسم وأهدى الكتاب كله لمنجز. وتضمنت المترجمات التي ظهرت سريعاً في الفرنسية والإيطالية كل الأخطاء تقريباً، مما أشعر فنكلمان بالخزي، فكتب إلى بعض أصحابه "إننا اليوم أحكم مما كنا بالأمس. ليتني أستطيع أن أريك كتابي "تاريخ الفن" وقد نقح تنقيحاً كاملاً ووسع توسيعاً كبيراً! لم أكن قد تعلمت الكتابة بعد حين شرعت في تأليفه فلم تكن الأفكار مترابطة بدرجة كافية، وفي مواضع كثيرة افتقار إلى الانتقال من السابق إلى اللاحق-وهو ملاك الفن الأسمى" (٦٥). ومع ذلك أنجز الكتاب عملاً غاية في العسر-هو إجادة الكتابة في الفن. وقد رفعه حبه الشديد لموضوعه إلى مستوى الأسلوب الجميل.

وقد اتجه حرفياً إلى تاريخ الفن لا إلى الفنانين، وهو موضوع أيسر مأخذاً بكثير. وبعد أن مسح مسحاً متعجلاً الفن المصري والفينيقي واليهودي والفارسي والاتروري، أطلق العنان لحماسته الفياضة في ٤٥٠ صفحة تناولت فن اليونان القديم. وفي فصول ختامية ناقش الفن اليوناني في عهد الرومان. وكان توكيده دائماً على اليونان لأنه كان مقتنعاً بأنهم عثروا على أسمى صور الجمال: في رهافة الخط لا في لمعة اللون، في تمثيل الأنماط لا الأفراد، في طبيعة الأجسام ونبلها، في انضباط التعبير العاطفي، في هدوء المظهر وصقله، في اطمئنان القسمات حتى في الحركة، وفوق هذا كلها في النسبة والعلاقات المتسقتين بين الأجزاء المتميزة في كل موحد توحيداً منطقياً. لقد كان الفن الإغريقي في رأي فنكلمان هو عصر العقل مجسماً.

وقد ربط تفوق الفن الإغريقي بالاحترام العظيم الذي كان الإغريق يكنونه بامتياز الجسد في الجنسين. "كان الجمال امتياز يقضي إلى الشهرة، لأننا نجد تواريخ الإغريق تذكر أولئك الذين تميزوا به" (٦٦)، على نحو ما تفعل التواريخ الآن في ذكر كبار الساسة والشعراء والفلاسفة. وكانت هناك مباريات في الجمال عند الإغريق كما كانت مباريا للألعاب الرياضية. وعند فنكلمان أن الحرية السياسية، وتزعم اليونان لعالم البحر المتوسط