أما أنطونيو ساكيني فقد ولد لأب كان صياد سمك في بوتسولي، وكان يدرب ليخلف أباه حين سمعه فرانشسكو دورانتي يغني، فانطلق به إلى نابلي تلميذاً ومحسوباً له. وقد أحتفى الجمهور بأوبراه "سمير أميدي" في التياترو أرجنتينو بروما احتفاء أبقاه مع ذلك المسرح سبع سنين مؤلفاً للأوبرات. وبعد أن أقام ردحاً في البندقية خرج ليغزو ميونخ وشتوتجارت … ولندن ١٧٧٢. وصفق الجمهور لأوبراته هناك، ولكن الدسائس المعادية أضرت بشعبيته، وأتلفت عاداته الفاجرة صحته. ولما انتقل إلى باريس أخرج رائعته Oedipe a Colone (١٧٨٦) التي احتلت خشبة الأوبرا طوال ٥٨٣ عرضاً في السنوات السبعة والخمسين التالية، وفي وسعنا أن نسمعها إلى اليوم على الهواء من حين لحين. وقد اقتبس عدة إصلاحات مما أدخله جلوك، وأقلع عن أسلوب الإيطاليين في جعل الأوبرا تلفيقاً من الألحان، وفي أوديبي تسيطر القصة على الألحان، وتضفي الكوراس التي استلهمتها من أوبوراتوريوات هندل الجلال والعظمة على الموسيقى والموضوع كليهما.
واتصل الغزو الغنائي بأنطونيو سالييري، عدو موتسارت وصديق بيتهوفن الشاب. ولد قرب فيرونا، وأرسل وهو في السادسة عشرة إلى فيينا (١٧٦٦)، وبعد ثماني سنوات عينه يوزف الثاني مؤلفاً موسيقياً للبلاط، وفي ١٧٨٨ رئيساً لفرقة المنشدين. في هذه الوظيفة فضل مؤلفين آخرين على موتسارت، ولكن القصة التي زعمت أن هذه المعارضة سببت انهيار موتسارت ليست إلا خرافة (٨٥). فبعد موت موتسارت صادق سالييري الابن وأعان على تطوره الموسيقي. وقد قدم بيتهوفن عدة مؤلفات لسالييري، وقبل اقتراحاته بتواضع لم يعهد فيه.
أما "ألمع نجم في سماء الأوبرا الإيطالية خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر (٨٦) " فهو جوفاني بانيزيللو. كان أبناً لجراح بيطري في تارانتو، وقد أعجب معلموه اليسوعيين بصوته إعجاباً حملهم على إقناع أبيه بأن يوفده إلى معهد جماهير نابلي شديدي الحب لبتشيني، لذلك قبل دعوة وجهتها إليه كاترين الكبرى. وفي سانت بطرسبورج ألف (١٧٨٢) Il Barbiere di Siviglia