ومن ثم تناول كل مشكلة بشخصه، وأصدر توجيهات نظمت كل مناحي الحياة. ورغبة في تشجع الأمثال لأوامره أنشأ نظام جاسوسية أفسدت عليه حسناته. وكان من مقومات حكمه المطلق أن يجند بالإلزام جيشاً دائماً كبيراً لا يعتمد على أمراء الإقليم، يغذيه بالتجنيد الإلزامي العام، ويخشنه بالتدريب البروسي. وراوده الأمل في أن يقوى هذا الجيش من صوته في المسائل الدولية، وأن يلزم فردريك حدوده، وربما أعانه على التهام بافاريا وطرد الترك من البلقان المجاورة (ولا عجب فقد كان في نفس فيلسوفنا شيء من شهوة التملك). ثم عين لجنة من الفقهاء لإصلاح القوانين وتنسيقها، وبعد أن قضت اللجنة ست سنوات من العمل الشاق نشرت قانوناً مدنياً جديداً للإجراءات القضائية. فخففت العقوبات، وألغيت عقوبة الإعدام. (في إنجلترا المعاصرة كانت مائة جريمة لا تزال تعتبر من الجرائم الجسمية) ولم تعد الشعوذة ولا السحر ولا الارتداد جرائم يعاقب عليها القانون. وحرمت المبارزة؛ واعتبر قضاء المبارز على غريمه في مبارزة جريمة قتل. وجعل الزواج عقداً مدنياً، وأحل الزواج بين المسيحيين وغير المسيحيين، وقضى بإمكان الحصول على الطلاق من السلطة المدنية. أما القضاة فلا يعينون إلا بعد تريب خاص وبعد اجتيازهم امتحانات عسيرة، وألغى الكثير من المحاكم الكنسية. وتقررت مساواة جميع الأشخاص أمام القانون، وصعق النبلاء حين عرض أحد أفرادهم في المشهرة وحكم على آخر بكنس الشوارع.
وألغيت القنية بسلسلة من المراسيم، ١٧٨١ - ٨٥. وكفل للجميع حق تغيير المسكن أو المهنة، وحق التملك، وحق الزواج بالرضى المتبادر، وأعد محامون خصوصيون لحماية الفلاحين في حرياتهم الجديدة. وفقد البارونات حق محاكمة مستأجريهم جنائياً، ولكن تحاشياً لضعف الإنتاج في ضياع البارونات، أجيز للسادة أن يقتضوا أقنانهم السابقين بعض الخدمات المألوفة.
وشجع بوزف الصناعة الرأسمالية لاقتناعه بأن لوائح الطوائف الحرفية معطلة للتطور الاقتصادي، ولكنه عارض في الاستكثار من الآلات مخافة (أن تحرم الألوف من أرزاقهم)(٥٩). وأعفى العمال الصناعيين من التجنيد،