وزاد عدد سكان النمسا والمجر وبوهيميا من ١٨٧. ٧٠٠. ٠٠٠ في ١٧٨٠ ٢١. ٠٠٠. ٠٠٠ في ١٧٩٠ (٦٢). وقرر كاتب معاصر أن الأكواخ المبنية بالآجر أخذت تحل محل الزرائب الريفية العتيقة، وأن الآجر يأخذ مكان الخشب في منازل المدن (٦٣). وظل الفقر جاثماً على الصدور، ولكن مرسوماً إمبراطورياً صدر في ١٧٨١ أنشأ "مؤسسات للفقراء، يستطيع أي شخص عاجز عن التكسب أن يطالب بالمعونة منها دون أن يريق ماء الوجه.
ومع أن يوزف كان من الناحية الرسمية "نائب المسيح" والمدافع عن الكنسية المسيحية و"حامي فلسطين … والإيمان الكاثوليكي"، فقد شرع بمجرد تقليده زمام السلطة المطلقة في تقليص دور الكنيسة في أراضيه "المورثة"-أي النمسا والمجر وبوهيميا. ففي ١٢ أكتوبر ١٧٨١ أصدر مرسوم التسامح، وبمقتضاه تقررت حرية البروتستنت والروم الأرثوذكس في أن يكون لهم معابدهم ومدارسهم واجتماعاتهم، وفي تملك الأملاك وامتهان المهن الراقية، وشغل المناصب السياسية والحربية. وحث الإمبراطور الشعب على تجنب كل دواعي النزاع بسبب الخلافات المذهبية .... ومعاملة من ينتمون لطائفة دينية أخرى بالود واللطف (٦٤). وفي توجيه أصدره يوزف إلى فان زفيتن كشف في صراحة عن مصادر إلهامه: "إن التعصب قضي عليه في إمبراطوريتي التي قد يسعدها أنها لم تضح بأشخاص مثل كالاس وسرفن … أن التسامح هو ثمرة انتشار التنوير ( Les Iumieres) الذي شاع الآن في جميع أرجاء أوربا. وهو قائم على الفلسفة، وعلى عظماء الرجال الذي أسسوها … إن الفلسفة دون غيرها هي التي يجب أن تكون رائد الحكومات" (٦٥).
على أنه كان لهذا التسامح حدود كما كان في مقال فولتير "عن التسامح" (١٧٦٣)، فقد نبه بعض المستشارين يوزف إلى أن إزالة جميع الضوابط والقيود ستسفر عن نمو العقائد الجامحة نمواً مفرطاً، لا بل الإلحاد السافر، وأن هذا سيفضي إلى المذاهب المتناحرة والفوضى الاجتماعية وامتهان كل سلطة فلما نما إليه أن بضع مئات من البوهيميين جاهروا بالربوبية (١٧٨٣) أمر بأن أي رجل يجهر بعقيدته هذه "يجب دون مزيد من التحقيق أن