أمير استرهاتسي الجديد يدعوه للعودة، وأنه لا يستطيع الغياب عن زوجته فترة طويلة كهذه (!). وكان الأمير أنطون قد مات، وأراد خلفه الأمير ميكلوس الثاني أن يعيد الحفلات الأوركسترالية في ايزنشتات. وهكذا غادر هايدن لندن في ١٥ أغسطس ١٧٩٥ بعد أن حزم حقائبه وجيوبه عامرة ويمم شطر وطنه.
وبعد أن زار تمثاله في روراو قدم نفسه لميكلوس الثاني في ايزنشتات ونظم الحفلات الموسيقية لشتى المناسبات هناك. على أنه كان يقيم في بيته في أطراف فيينا باستثناء الصيف والخريف. وفي عامي ١٧٩٦ - ٩٧ كان نابليون يسوق النمساويين أمامه في إيطاليا، وهدد تصاعد المشاعر الثورية في النمسا نظام هابسبورج الملكي، وتذكر هايدن كيف شدت الحماسة التي أثارها إنشاد النشيد الإنجليزي "حفظ الله الملك" إزر أسرة هانوفر في إنجلترا، وساءل نفسه إلا يمكن أن يفعل نشيد قومي مثل هذا في شد أزر الإمبراطور فارنسيس الثاني؟ وتقدم صديقه البارون جوتفريد فان زفيتن (ابن طبيب ماريا تريزا) بهذا الاقتراح إلى الكونت فون زاوراو وزير الداخلية. وعين زاوراو ليوبولد هاشكا ليؤلف نصاً للنشيد، واستجاب الشاعر بنشيده "حفظ الله الإمبراطور فرنسيس، إمبراطورنا الصالح فرانسيس".
ووفق هايدن لهذه الكلمات لحناً لأغنية كوراتية قديمة، وكانت النتيجة نشيداً قومياً مؤثراً رغم بساطته. وأنشد علانية في عيد ميلاد الإمبراطور في ١٢ فبراير ١٧٩٧ في جميع المسارح الكبرى في مملكة النمسا والمجر. وقد ظل مع بعض التغيير في ألفاظه-النشيد القومي النمساوي حتى ١٩٣٨. وطور هايدن اللحن، مع تنويعات، ليصبح الحركة الثانية في رباعيته الوترية (٧٦ رقم ٣).
ثم حاول أن ينافس "المسيا" وهو ما يزال أسيراً لسحر هندل. وكان