سالومون قد قدم له نصاً مصنفاً من قصيدة لمتن "الفردوس المفقود"، وترجم فان زفيتن النص إلى الألمانية، ولحن هايدن الأوراتوريو الضخم "دي شويفونج"(الخليقة). وأدى إوراتوريو "الخليقة" أمام جمهور دعى إلى قصر الأمير فون شفارتسنبرج في ٢٩ - ٣٠ إبريل ١٧٩٨. وبلغ احتشاد الجمهور خارج القصر مبلغاً اقتضى معه حفظ النظام استخدام خمسين شرطياً من الخيالة (كما يؤكدون)(٤١). ومول الأمير حفلة عامة في المسرح القومي في ١٩ مارس ١٧٩٩، ونفح مؤلف الموسيقى بكل دخلها (الذي بلغ أربعة آلاف فلورن). وحيا السامعون الموسيقى بحماسة أشبه بالحماسة الدينية، وما لبث الأوراتوريو أن استمع إليه الناس في كل مدينة كبرى تقريباً في العالم المسيحي. وأدانت الكنيسة الكاثوليكية اللحن لأنه أخف وأجذل من يصلح لموضوع جليل كهذا، ووافق شيلر بيتهوفن في السخرية من تقليد هايدن لحيوانات جنة عدن، أما جوته فقد أشاد بالعمل، وظفر اللحن في بروسيا بعروض في القرن التاسع عشر فاقت في كثرتها أي لحن كورالي آخر.
وقدم فان زفيتن نصاً آخر اقتبسه من قصيدة جيمس طومسن "الفصول". وعكف هايدن عليه بهمة قرابة عامين (١٧٩٩ - ١٨٠١)، مما أضر كثيراً بصحته. وقد قال "أن "الفصول" قصمت ظهري". وحظيت حفلة العرض الأولى باستقبال طيب، ولكن اللحن لم يثر حماسة واسعة أو دائمة. وبعد أن قاد هايدن "كلمات المسيح السبع الأخيرة" لصالح أحد المستشفيات اعتزل حياته النشيطة.
وكانت زوجته قد ماتت في ٢٠ مارس ١٨٠٠، ولكنه كان الآن قد بلغ من الكبر حداً لا يتيح له الاستمتاع بحريته وإن لم يمنعه من الاستمتاع بشهرته. فقد اعترف به الناس أمام المؤلفين الموسيقيين، وتكاثرت عليه أسباب التشريف من شتى المدن، ووفد عليه مشاهير الموسيقيين-أمثال كيروبيني، وآل فيبر، واجناز بلييل، وهوميل-لتقديم واجب الاحترام والإجلال له. ولكن الروماتزم والدوار وغيرهما من الأصواب أورثته