وحالف التوفيق حفلاتهم الخاصة والعامة، وكتب جريم إلى قرائه في حماسة يقول:
"إن المعجزات الحقيقية نادرة، ولكن ما أعجب أن تتاح لنا الفرصة لرؤية واحدة منها! لقد قدم لتوه رئيس فرقة مرتلين من سالزبورج اسمه موتسارت بصحبة اثنين من أجمل الأطفال في العالم في فاما ابنته البالغة من العمر أحد عشر ربيعاً فتعزف على البيان أروع عزف، وتؤدي أطول المقطوعات وأصبعها بدقة مذهلة. وأما أخوها الذي سيبلغ السابعة في فبراير القادم فظاهرة خراقة بحيث لا تكاد تصدق ما تراه بعينيك … فيداه صغيرتان جداً … وهو يرتجل ساعة، مستسلماً لوحي عبقريته، بذخيرة من الأفكار المبهجة … وليس لدى أكفأ رئيس لفرقة موسيقى ما لهذا الطفل من المعرفة العميقة يتآلف الألحان والتنقل بين النغمات … وليس أيسر عنده من حل أي رموز تضعها أمامه. وهو يكتب ويؤلف بيسر مدهش، ولا يجد ضرورة للذهاب إلى البيانو واختبار الأوتار التي يريدها. وكتب له "منويتا" وطلبت إليه أن يضع باصاً لها. فأمسك بقلم وكتب الباص دون أن يذهب إلى البيان … أن الطفل سيدير رأسي إن استمعت إلى المزيد من عزفه … ومن أسف أن الناس في هذا البلد لا يفقهون عن الموسيقى إلا أقل القليل (٦) ".
وبعد أن حققت الأسرة الكثير من الانتصارات في باريس غادرتها إلى كاليه (١٠ إبريل ١٧٦٤). وفي لندن استقبلهم جورج الثالث. وفي ١٩ مايو، أمام الملك والحاشية، طوال أربع ساعات عزف فولفجانج موسيقى هندل وباخ. غيرهما من كبار الموسيقيين بمجرد النظر إلى المدونة وصاحب غناء الملكة شارلوت، وارتجل لحناً جديداً لباص أغنية لهندل. أما بوهان كرستيان باخ، الذي كان قد اتخذ لندن مقاماً له في ١٧٦٢، فأجلس الصبي على ركبته وعزف معه صوناتا، وكان كل منهما يعزف فاصلة بدوره "في دقة بالغة ما كان في استطاعة أحد معهما أن يحسب العزف من عازفين لا من عازف واحد (٧) ". وبدأ بلخ "فوجة"، وتابعها