الأقدام بين الحين والحين. وأحس موتسارت أن هذا الاختبار، وهو أول أوبرا جادة يؤلف موسيقاها، أشد خطراً له من ذلك الامتحان العتيق الذي أداه في بولونيا. فقد يكون مستقبله مؤلفاً لموسيقى الأوبرا رهنا بنتيجته. وتوسل الآن إلى أمه وأخته أن يصليا من أجل نجاح هذه المغامرة رغم أنه لم يكن شديد الميل إلى التقوى والورع، "حتى ننعم كلنا بالعيش معاً مرة أخرى"(١٠). وأخيراً حين كادت تضنيه كثرة البروفات، قدمت الأوبرا للجمهور (٢٦ ديسمبر ١٧٧٠)، وقادها مؤلفها، وكان انتصاره كاملاً. وقوبلت كل أغنية هامة بالتصفيق الحاد، وبعضها بهتافات يحيى المايسترو يحيى المايسترو الصغير. أعيد عرض الأوبرا عشرين مرة. كتب الأب الفخور التقي "بهذا نرى كيف تعمل قوة الله فينا حين لا ندفن المواهب التي منحنا إياها فضلاً منه"(١١).
واستطاعا الآن أن يعودا إلى موطنهما برؤوس مرفوعة. ففي ٢٨ مارس ١٧٧١ وصلا إلى سالزبورج. وما أن بلغاها حتى تلقيا طلباً من الكونت فون فرمان، باسم الإمبراطورة، يرجو أن يكتب فولفجانج سريناتا أو كنتاتا، ويحضر إلى ميلان في أكتوبر ليقودها جزءاً من الاحتفالات التي ستقام بمناسبة زفاف الأرشيدوق فرديناند إلى أميرة مودينا. ووافق رئيس الأساقفة زجسموند على أن يتغيب ليوبولد مرة أخرى عن أعماله، وفي ١٣ أغسطس يمم الوالد والولد من جديد شطراً إيطالياً، فلما وصلا إلى ميلان وجدا فيها هاسي يعد أوبرا للاحتفالات ذاتها. وقد رتب المديرون-ربما عن غير عمد منهم-لقاء للعبقرية يتنافس فيه أشهر مؤلفي الأوبرا الإيطالية الأحياء، البالغ آنذاك ثلاثة وسبعين عاماً، مع غلام الخامسة عشرة الذي لم يكد يفرغ من اختبار جناحه في التحليق الأوبرالي. وأديت أوبرا هاسي المسماة "رورجيرو" في ١٦ أكتوبر فقوبلت بتصفيق حار وفي الغد رتلت كنتاتا موتسارت المسماة ( Aseanio in Alba) تحت عصا قيادته، وكان التصفيق خارقاً. وكتب ليوبولد لزوجته "يؤسفني أن سريناتا فولفجانج طمست أوبرا هاسي طمساً تاماً (١٢). وكان هاسي