Sturm und Drang ( أي الدفع والجهاد، وهي ثورة على التنوير الفرنسي) وقد دخل هنا دخولاً معارضاً إلى الأوبرا الإيطالية (١٥). على موتسارت جلب معه نظير هذا وضوح الغناء الإيطالي الجميل (البيل كانتو)، وزادت أجواء إيطاليا المشرقة وحياة هوائها الطليق من إشراق روحه السعيدة بفطرتها. وتعلم غب إيطاليا أن الأوبرا الهازلة، كما سمعها في أعمال بتشيني وبايزييللو، يمكن أن تكون فناً رفيعاً، فدرس شكلها، وأبلغه الكمال في "دون جوفاني" لقد كانت كل تجربة يمر بها تعليماً لذهنه اليقظ وأذنيه المرهقتين.
وشهد ١٣ مارس ١٧٧٣ الوالد والولد مرة أخرى في سالزبورج. ولم يكن رئيس الأساقفة الجديد متسامحاً في فترات غيابهما الطويل كما كان زجسموند، ولم ير مبرراً لمكافأة ليوبولد بترقيته، وعامل فولمفجانج كأنه مجرد فرد في حاشيته الخاصة. وتوقع من موتسارت وأبيه أن يزودا كورسه وأوركستراه بالموسيقى فورية، جديدة، جيدة. فظلا يشقيان عامين ليرضياه. ولكن ليولولد لم يدر كيف يستطع أن يعول أسرته دون هذه الجولات الإضافية، أما فولفجانج الذي تعود على سماع تصفيق الاستحسان له فلم يستطع تقبل وضعه خادماً موسيقياً. ثم أنه أراد أن يكتب الأوبرات، وكان مسرح سالزبورج، وكورسها، وأوركستراها وجمهورها-كل أولئك أصغر من أن يسمح لهذا الفرخ الألمعي بأن يرفرف جناحيه النامين.
ثم انقشعت السحب قترة حين كلف مكسمليان يوزف أمير بافاريا الناخب موتسارت بأن يكتب لأوبرا هازلة لكرنفال ميونخ لعام ١٧٧٥، وحصل على موافقة رئيس الأساقفة، بمنح المؤلف وأبيه إجازة من العمل. فغادرا سالزبورج في ٦ ديسمبر ١٧٧٤. وعانى فولفجانج من البرد القارس الذي ابتلاه بوجع في الأضراس أسى من أن تخفف من الموسيقى أو الفلسفة ولكن حفلة الافتتاح لأوبرا "البستانية المزعومة" التي قدمت في ١٣ يناير ١٧٧٥ حملت كرستيان شوبارت-وكان مؤلفاً مرموقاً-على التنبؤ بأنه