بالكتب حتى مماته، وأن يكون حارسها على المكتبة نظير راتب قدره ألف جنيه في العام، وزادت بأن دفعت راتبه مقدماً عن خمسة وعشرين عاماً. وأصبح ديدرو بين عشية وضحاها رجلاً غنياً ومحامياً يدافع عن كاترين. فلما دعته لزيارتها لم يستطع أن يرفض. قال "يجب أن يرى الإنسان امرأة كهذه ولو مرة في العمر"(٣٦).
وبعد أن دبر شئون المال لزوجته وابنته خرج وهو في الستين (٣ يونيو ١٧٧٣) في الرحلة الطويلة الشاقة إلى سانت بطرسبرج. ولبث شهرين في لاهاي يرشف حلاوة الشهرة على مهل، ثم واصل الرحلة بطريق درسدن وليبزج، وحرص على أن يتجنب برلين وفردريك الذي كان قد أبدى عنه بعض الملاحظات الشائكة. وأصيب مرتين خلال الرحلة بالمغص إصابة عنيفة، ثم وصل إلى سانت بطرسبرج في التاسع من أكتوبر، واستقبلته كاترين في العاشر منه. كتب يقول "ليس هناك من يعرف خيراً منها فن رفع الكفلة عن محدثها"(٣٧). ودعته للتكلم في صراحة، "كما يتكلم رجل لرجل". ففعل، وأومأ إيماءاته على عادته، وأكد نقاطع بصفع فخذي الإمبراطورة. كتبت كاترين لمدام جوفران تقول "إن ديدرو هذا رجل غريب الأطوار. فأنا أخرج من لقاءاتي معه بفخذين مرضوضتين سوداوين تماماً. وقد اضطررت إلى وضع منضدة بيننا وقاية لنفسي ولأعضائي"(٣٨).
وقد حاول فترة أن يلعب دور الدبلوماسي كما حاول فولتير مع فردريك، وأن يصرف روسياً عن تحالفها مع النمسا وبروسيا إلى تحالف مع فرنسا (٣٩)؛ ولكنها سرعان ما صرفته إلى موضوعات أقرب إلى صناعته. وأخبرها في شيء من التفصيل كيف يمكن أن تحول روسيا إلى بلد مثالي، واستمعت إليه جذلة، ولكنها ظلت على تشككها. وقد استعادت فيما بعد هذه الأحاديث في رسالة كتبتها للكونت لوي-فليب دسيجور. قالت:
"تحدثت معه كثيراً ومراراً، ولكن بفضول أكثر من الفائدة. ولو صدقته لانقلب كل شيء في مملكتي، فالتشريع والإدارة المالية- كلها