للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبهج جماعة الفلاسفة بصفة خاصة إخضاع كاترين الكنيسة الروسية للدولة. وشكا بعضهم من أنها لا تزال تحضر الخدمات الدينية (وكذلك كان يفعل فولتير)، وأدرك أكبرهم سناً أن حضورها لا غنى عنه للاحتفاظ بولاء الشعب. وقد حولت بمرسوم أصدرته في ٢٦ فبراير ١٧٦٤ جميع أراضي الكنيسة ملكاً للدولة. وبدأت الدولة منذ الآن تدفع رواتب رجال الدين الأرثوذكس-وبهذا ضمنت تأييدهم للحكومة. وأغلق الكثير من أديرة الرهبان والراهبات، ومنع الباقي منها من قبول أكثر من عدد معلوم من المترهبين الجدد، ورفعت السن القانونية لنذر الرهبنة. واستخدمت الموارد الفائضة من المؤسسات الكنسية في إنشاء المدارس والملاجئ والمستشفيات (٥٥).

وعارض رجال الدين والنبلاء التوسع في التعليم الشعبي مخافة أن يفضي انتشار المعرفة بين الجماهير إلى الهرطقة والكفر والتحزب، وأن يعرض النظام الاجتماعي للخطر. هنا بدأت كاترين-كما بدأت في غيره-بتطلعات تحررية، فلجأت إلى جريم:

"أصغوا إليَّ لحظة يا أصدقائي الفلاسفة: ستكونون لطافاً ظرافاً إذا تفضلتم برسم خطة للشباب، من ألف باء إلى الجامعة … ليس عندي-أنا التي لم أدرس في باريس ولم أعش فيها-معرفة بهذا الأمر ولا بصر به .. إنني مهتمة جداً بفكرة إنشاء جامعة وإدارتها، ومدرسة ثانوية (جمنازيوم) وأخرى أولية … وإلى أن تستجيبوا لطلبي سأنقب في "الموسوعة" عما أنشده وبالتأكيد سأستخرج منها ما أنشده" (٥٦).

وقد أثرت فيها أثناء ذلك الحماسة البيداجوجية التي أبداها إيفان بتسكي، الذي جاب السويد وألمانيا وهولندة وإيطاليا وفرنسا، واختلف إلى صالون مدام جوفران ودرس الموسوعة والتقى بروسو. ففي ١٧٦٣ أنشأت في موسكو مدرسة القطاء، خرجت في ١٧٩٦ أربعين ألف طالب، وفي ١٧٦٤ فتحت مدرسة للبنين في سانت بطرسبرج، وفي ١٧٦٥ أخرى للبنات، وفي ١٧٦٤