زلزال قط عمائر قدر العمائر التي شيدناها … وهذا الهوس شيء لعين، فهو ينضب المال، وكلما بنينا ازددنا رغبة في البناء، إنه مرض كالسكر بالخمر" (١٠٣). ومع أنها قالت لفالكونيه "إني لا أعرف حتى كيف أرسم" فقد كان لها رأيها الخاص في الفن، أو قل رأى تأثير بالحفائر الرومانية في هركولانيوم وكتب كايلوس وفنكلمان. فولت ظهرها للباروك المزوق والروكوك الزاهي، وهما طرازان سادا في عهد اليزابث، وفضلت عليهما الطراز الكلاسيكي الجديد الأكثر بساط ونقاء. وقد عزا إليها بعض معاصريها فضل إصدار التعليمات الواضحة المحددة والرسوم التخطيطية التمهيدية لمعمارييها (١٠٤).
فلما افتقدت الفنانين الوطنيين الذين يحققون لها أفكارها، ولت وجهها شطر غربي أوربا التماساً لرجال ورثوا التقاليد الكلاسيكية. وهكذا قدم جان باتست فالان دلا موت، الذي شيد لها على نهر نيفا قصر أكاديمية الفنون (١٧٦٥ - ٧٢) وله واجهة بطراز النهضة منآجر مكسو ورواق معمد كلاسيكي، وداخله سلم نصف مستدير فخم يفضي إلى قاعة مستديرة تعلوها قبة. وبنى فلان ملحقاً للقصر الشتوي هي الأرميتاج الشهير، الذي كانت كاترين تراه ملاذاً تحتمي به من مراسيم البلاط، ولكنه أصبح قاعة تحفها، وهو اليوم من أهم متاحف العالم. وقالت كاترين في وصفه لجريم عام ١٧٩٠ "أنه خلوتي الصغيرة، في موقع مناسب بحيث لا يكلفني الذهاب إليه أو الإياب منه إلى حجرتي أكثر من ثلاثة آلاف خطوة .. هناك أجول بين طائفة من الأشياء التي أحبها وأزهو بها، وتلك الجولات الشتوية التي تحفظ على عافيتي" (١٠٥).
ومن فرنسا أيضاً قدم الاسكتلندي تشارلز كاميرون، الذي درس الزخرفة الكلاسيكية في وطنه. وقد ابتهجت كاترين بالإشراق والرقة اللذين كان يزين بهما-بالفضة واللاكيه والزجاج واليشب والعقيق والرخام المتعدد الألوان-الجناح الخاص الذي احتفظت به لنفسها ولعشاقها وكلابها في "القصر العظيم" بتسارسكو سيلو. كتبت تقول "لم أر قط ضريباً لهذه