للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في أرجاء الوطن؛ والابن يقيم عادة في الضيعة الموروثة، خاضعاً لأمر أبيه ما دام الأب حياً. وزكت الأسرة بفضل وحدة السلطة، هذه الوحدة ذاتها الذي أضعف الدولة افتقادها. وكانت كل ثروة الأسرة تحت إشراف أبوي ممركز، وفي كثير من الحالات كانت تزداد من عام إلى عام بفضل أرباح الاستغلال والتصدير المعاد استثمارها من جديد، وفي حالات عديدة فاقت ثروة الملك نفسه. وكان عشرون أسرة بولندية في القرن الثامن عشر ينفق كل منها أكثر من ٢٠٠. ٠٠٠ جنيه في العام على البيت (٣). وكانت الأسرة القوية تسمى بيتها بلاطاً، له مستخدموه، وجيشه الخاص، وخدمه الكثيرون، ومظاهر الأبهة الشبيهة بأبهة الملوك؛ من ذلك أن الأمير كارول رادزيفيل، الذي بلغت مساحة أرضه نصف مساحة بولندة، أولم في ١٧٨٩ وليمة لأربعة آلاف ضيف كلفته مليوناً من الماركات (٤).

أما أشهر الأسر البولندية قاطبة-والتي بلغ من شهرتها أنها كانت تعرف باسم "الأسرة" فقط-فهي أسرة تشارتوريسكي. فقد تبوأت مرتبة الإمارة منذ القرن الخامس عشر، واتصلت بصلة القرابة ببيت جاجيللو، الذي حكم بولندة من ١٣٨٤ إلى ١٥٧٢. وقد تزوج الأمير كازيميرز تشارتوريسكي (مات ١٧٤١)، نائب مستشار لتوانيا، بايزابللا مورستن، التي أضافت دفعة جديدة من الثقافة الفرنسية إلى الأسرة. وأنجب منها ثلاثة من المشاهير هم: (١) فردريك ميشال تشارتوريسكي، الذي أصبح كبير مستشاري لتوانيا، (٢) ألكسندر أوغسطس تشارتوريسكي، الذي أصبح أمير بالاتين لـ "روسيا الحمراء"، (٣) قنسطنطنياً التي تزوجت ستانسلاس بونياتوفسكي الأول، وولدت له بونياتوفسكي الثاني، وهو الشخصية المأساوية الكبرى في التاريخ البولندي.

ومن مفاخر آل تشارتوريسكي فوق ما تميزوا به أن نزعتهم التحررية نمت بنمو ثروتهم. فقد طالما عرفوا بترفقهم بأقنانهم؛ قال أحد معاصريهم "لو أنني ولدت قناً لوددت أن أكون قناً للأمير ألكسندر أوغسطس تشارتوريسكي" (٥). فأنشأوا المدارس للأطفال، وزودوهم بالكتب