وكان المنشقون أو المخالفون- من البروتستنت والروم الأرثوذكس واليهود، وجملتهم ثمانية في المائة من السكان-محرومين من الوظائف العامة ومن عضوية الديت، وكل الدعاوي المرفوعة ضدهم بنظرها محاكم كاثوليكية خالصة (٨). وقد بلغت الخصومة الدينية مبلغاً دفع الجماهير عام ١٧٢٤، في مدينة تورون (ثورن) التي كان أكثر أهلها من البروتستنت، إلى أن تنتهك قدسية القربان وتدوس على صورة العذراء بعد أن أثار غضبها الشديد مسلك طالب يسوعي. وقدأعدم تسعة من هؤلاء المغيرين. واستنجد بروتستنت بولندة ببروسيا، والروم الأرثوذكس بالروسيا، وعرضت بروسيا وروسيا الحماية، ومنها تقدمتا الغزو والتقسيم.
أما أخلاق البولنديين فقد شابهت الأخلاق الألمانية على المائدة، والفرنسية في الفراش. وقد أكره الفلاحين على الاكتفاء بالزوجة الواحدة عكوفهم على الأرض والنسل، ولكن هذا الاكتفاء كان عسيراً في العاصمة لجمال النساء و "سلوكهن المغري"(٩)، هؤلاء النساء اللاتي لم يسمحن لتعليمهن الأرقى بأن يقف عقبة في طريق فتنتهن. ويروي أن نساء الطبقة الراقية في وارسو كن من الناحية الجنسية منحلات كنساء باريس (١٠). ويؤكد لنا بوتياتوفسكي أنه كان بكراً حتى الثانية والعشرين (١١)، ولكنه يضيف أن هذه العفة كانت شاذة في طبقته-وكان السكر متوطناً لا يعرف الفوارق بين الطبقات. فهو بين الفلاحين أنساهم في نشوته ما يعانون من فقر أو مشقة أو برد، أما النبلاء فقد سرى عنهم ما يعانون من العزلة والسأم، وفي جميع الطبقات كان الذكور ينظرون إليه لا على أنه رذيلة بل مظهر من مظاهر التيمز. وقد كرم القوم يان كومارتشفسكي لأنه استطاع أن يفرغ في جوفة دلواً من الشبانيا في جرعة واحدة دون أن يدور رأسه أو تخونه قدماه. وقد نبه القوم بونياتوفسكي إلى أنه لن يكون محبوباً ما لم يثمل بالشراب مرتين في الأسبوع (١٢). وكان إكرام الضيف عادة شائعة بين الجميع، ولكن كان يقاس بمقدار الطعام والشراب الذي كان يقدم للضيف. وقد يحدث أن يرهن أحد الأقطاب مدينة يملكها ليدفع نفقات مأدبة.