واستمتع اتحاد بار بلحظات من النشوة قبل انهياره. ففي مارس ١٧٧٠، ومن مدينة فارنا التركية، أعلن خلع بونياتوفسكي. وفي ٣ نوفمبر ١٧٧١، اعترض بعض-الاتحاديين طريقه وهو يغادر منزل عم له في الليل، وتغلبوا على حرسه، وقتلوا أحدهم رمياً بالرصاص، ثم جروا الملك من داخل عربته، وأحدثوا قطعاً في رأسه بضربة سيف، ثم اختطفوه من عاصمة ملكه. ولكن دورية من الشرطة هاجمتهم في غابة بيلني، وأثناء العراك هرب بونياتوفسكي، واتصل بالحرس الملكي، فأتى رجاله وعادوا به إلى قصره مشعث الشعر ينزف دماً في الخامسة صباحاً. وهكذا قضى على كل احتمالات المصالحة بين الحكومة والاتحاد. ولجأ بونياتوفسكي إلى المساعدة الروسية، وقمع الاتحاد، وبقيت منه بقية في تركيا-الهلال يحمي الصليب (١٧٧٢)(٣٧).
على أن تقدم جيوش روسيا إلى البحر الأسود والدانوب أزعج كلاً من بروسيا والنمس. فلا فردريك الثاني ولا جوزف الثاني كانا مغتبطين بتوقع سيطرة روسيا على البحر الأسود، وأسوأ من ذلك أن الآستانة. وكانت بروسيا قد تعهدت في معاهدتي ١٧٦٤ و١٧٦٦ بأن تساعد روسيا إذا هوجمت، وكانت تركيا من الناحية الشكلية هي المعتدي في حرب ١٧٦٨ الروسية التركية؛ وكانت بروسيا تعرض خزانتها للإفلاس بإرسالها المعونات المالية لروسيا. أما النمسا التي ساءها دخول القوات الروسية فلاشيا فكانت تهدد بالتحالف مع تركيا ضد روسيا؛ في تلك الحالة كانت روسيا ستنتظر من بروسيا أن تهاجم النمسا. ولكن فردريك كان قد ضاق ذرعاً بالحرب. لقد خاض حربين ليستولي على سيليزيا ويحتفظ بها، فلم يخاطر بها الآن؟ ومن ثم آثر الطرق الدبلوماسية. وتساءل ألا يمكن استرضاء الدول الثلاث بحصص يلتهمونها من أرض بولندة؛ لو أن الأمور تركت تجري مجراها والسفير الروسي يحكم بولندة فعلاً لما كانت المسألة إلا مسألة وقت حتى تبتلع روسيا ذلك البلد كلية متسترة وراء أي حجة. فهل ما زال في الإمكان الحيلولة دون هذا؟ بلى، إذا ارتضت كاترين أن تأخذ بولندة الشرقية فقط، وتدع فردريك يأخذ بولندة الغربية وتنسحب من الدانوب. وهل يخفف