للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموضوعية لمثل هذا المفهوم، إنما هو يعطينا فقط الفكرة عن شيء هو الأساس للوحدة الأسمى والواجبة لكل الحقيقة التجريبية" (٣٠).

ولكن المبرر الأشد إلزاماً للاعتقاد الديني، في رأي كانت، هو أن هذا الاعتقاد لا غنى عنه للأخلاقية و "لولا أن هناك كائناً أصلياً متميزاً عن العالم، ولو كان العالم … بغير خالق، ولو كانت إرادتنا غير حرة، ولو كانت الروح … فانية كالمادة، إذن لفقدت الأفكار والمبادئ الأخلاقية "كل صحتها" (٣١). وإذا شئنا للصفة الأخلاقية والنظام الاجتماعي إلا يعتمدا كلية على الخوف من القانون، فلا بد لنا من دعم الإيمان الديني، ولو بوصفه مبدأً منظماً، ويجب أن نسلك، كأننا نعرف "أن هناك إلهاً، وأن نفوسنا خالدة، وأن إرادتنا حرة" (٣٢). أضف إلى ذلك، أننا إعانة للفكر والأخلاق-مبررون في تمثيل سبب العالم بلغة تشبيهية لطيفة دقيقة. (بغيرها لا نستطيع تصور أي شيء متصل بهذا السبب) أعني ككائن ذي فهم، ومشاعر سرور واستياء، ورغبات ومشيئات تقابلها" (٣٣).

وهكذا يختتم كتاب "النقد" الشهير، مخلفاً مذاهب الفكر المتعارضة وقد سرى عنها وأثار استياءها. لقد أصبح في وسع الشكاك أن يزعموا أن كانت برد اللاإدرية، وأن يزدروا إرجاعه الله إلى مكانته السابقة مكملاً للشرطة. ووبخه اللاهوتيون المصدومون على تسليمه بهذا القدر الكبير للكفار، واغتبطوا لأن الدين خرج-فيما بدا لهم-حياً من رحلته الخطرة داخل متاهة عقل كانت. وفي ١٧٨٦ وصف كرال راينهولت هذه الضجة الكبرى فقال:

"لقد حكم الدجماطيقيون على كتاب "نقد العقل الخالص": بأنه محاولة شاك يقوض يقينية المعرفة كلها؛ والشكاك بأنه قطعة من التبجج المستعلي تضطلع بإقامة صورة جديدة من الدجماطيقية على أنقاض مذاهب سابقة؛ وفوق الطبيعيين بأنه حيلة مبيته بدهاء لإزاحة الأسس التاريخية للدين، ولاقاه المذهب الطبيعي دون جدل عنيف؛ والطبيعيون بأنه دعامة جديدة لفلسفة الإيمان المحتضرة؛ وحكم عليه الماديون بأنه إنكار مثالي النزعة لحقيقة