عشر ربيعاً تتويج يوزف الثاني ملكاً على الرومان؛ وقد حفظ كل صغيرة وكبيرة في الحفل، وأنفق عشرين صفحة على وصفه في سيرته الذاتية (١٦).
وحين ناهز الرابعة عشرة وقع في أول غرام من غرامياته الكثيرة التي أثمرت نصف شعره. وكان في تلك الآونة قد اشتهر ببراعته في قرض الشعر، فطلب إليه بعض الصبية ممن اختلط بهم أحياناً أن يكتب خطاباً منظوماً بأسلوب فتاة موجهة إلى فتى؛ فأحسن كتابته، مما حملهم على أن يرتبوا تسليمه لعضو مقيم من جماعتهم على أنه مرسل إليه من حبيبته. وأراد الصبي أن يرد على الشعر بالشعر ولكن أعوزته الكفاية وخانته القوافي، فطلب إلى جوته أن ينظم له رداً. فوافق، وعرفاناً بجميله دفع العاشق نفقات نزهة خرجت فيها الجماعة إلى فندق في إحدى ضواحي المدينة. وكانت الخادمة صبية مراهقة تدعى مرجريته- أو جرتشن اختصاراً، وقد أطلق جوته اسمها على بطلة تمثيليته "فاوست". وربما هيأته القصص الغرامية التي قرأها، والرسائل التي كتبها، لتذوق سحر الأنوثة في الصبايا. كتب وهو في الستين يقول "إن أول نوازع الحب في شاب غشيم يتجه اتجاهاً روحياً بحتاً. ويبدو أن الطبيعة ترغب في أن يدرك أحد الجنسين بحواسه الجمال والطبيعة في الجنس الآخر. وهكذا تكشف لي عالم جديد من الجميل والرائع بمرأى هذه الفتاة وبميلي الشديد لها". (١٧) ولم يفقد ذلك العالم بعدها قط؛ فكانت المرأة بعد المرأة تحرك روحه الحساسة، وتحركها غالباً بالتبجيل كما تحركها بالرغبة؛ فحين كان في الثالثة والسبعين وقع في غرام فتاة في السابعة عشرة.
وغلبه الارتباك لحظة وأعجزه عن التحدث إلى ساحرته. "ذهبت إلى الكنيسة مدفوعاً بحبي لها … ورحت خلال الخدمة البروتستنتية الطويلة أحدق فيها بملء عيني". (١٨) ثم رآها ثانية في فندقها جالسة في المغزل. كما جلست جرتشن أخرى في فاوست. واتخذت هي الخطوة الأولى الآن، ووقعت في ابتهاج الخطاب الغرامي الثاني الذي اصطنعه كأنه مرسل من فتاة. ثم قبض على واحد من الجماعة كان جوته قد أوصى جده به، وهو يزيف سندات ووصايا؛ فهي فولفجانج أبواه عن مزيد من الاتصال بهؤلاء