للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصبية، ورحلت جرتشن إلى مدينة بعيدة، ولم يرها جوته بعدها قط. وقد تضايق كثيراً حين علم أنها قالت "كنت أعامله دائماً على أنه طفل" (١٩).

وكان الآن (١٧٦٥) راضياً تمام الرضى بالرحيل عن فرانكفورت ودراسة القانون في جامعة ليبزج، وراح ككل شاب طلعة يقرأ قراءات واسعة خارج الموضوعات المقررة لدراسته. وكان قد تصفح "قاموس بيل التاريخ النقدي" في مكتبة أبيه، وخرج منه بأذى كبير لإيمانه الديني؛ "ما إن وصلت إلى ليبزج حتى حاولت أن أتحرر كلية من صلتي بالكنيسة" (٢٠). ثم أنفق فترة في التنقيب في الغيبيات والخيمياء وحتى السحر، وهذا أيضاً دخل في مسرحية "فوسمت". ثم جرب الحفر وصنع الرواسم من الخشب، ودرس مجموعة الصور المعروضة في درسدن؛ وتكررت زياراته للمصور أويزر في ليبزج. وقد ألم بكتابات فنكلمان بطريقة أويزر، وعن هذه الكتابات وكتاب ليسنج "اللاوكون" تلقى أول نفحات إجلاله للطراز الكلاسيكي. وكان هو وطلاب آخرون يعدون استقبالاً حاراً لفنكلمان في ليبزج حين وافاهم نبأ مصرعه في تريست (١٧٦٨).

وكان الإحساس بالجمال هو الغالب في مدخله إلى العالم. ففي الدين لم يحب غير أسراره المقدسة، المثيرة، الغنية بالألوان. ولم يحب الفلسفة كما كتبها الفلاسفة، باستثناء سبينوزا؛ وكان يرتعد من المنطق ويهرب من كانط. وقد أحب الدراما، وكتب مسرحية لا قيمة لها في ليبزج، ودأب على قرض الشعر كل يوم تقريباً، حتى وهو يستمتع إلى محاضرات القانون. والقصائد التي نشرها باسم "أغاني ليبزج" مكتوبة بأسلوب أناكريون، فيها عبث ولهو، وأحياناً إثارة وشبق:

ومع ذلك فأنا قانع تملؤني الفرحة

إن هي جادت فقط ببسمتها الحلوة،

أو إن استعملت وهي على المائدة

قدمي حبيبها وسادة لقدميها؛