المدينة، الذي شبهه جوته بقسيس ويكفيلد الفاضل الذي روى جولد سمت قصته. والصفحات التي كتبها جوته عن فردريكه في سيرته الذاتية هي أروع ما كتب في حياته من نثر (٣١). وكان يركب مراراً من ستراسبورج ليستمتع بما اتسمت به هذه الأسرة الريفية من بساطة لم تفسدها حضارة. وكان يصطحب فردريكه في نزهات طويلة لأنها كانت ترسل نفسها على سجيتها في الهواء الطلق. وقد أحبته، ومنحته كل ما طلب. "في خلوة في الغابة تعانقنا بعاطفة عميقة، وتبادلنا أخلص التأكيدات بأن كلاً منا يحب الآخر من أعماق قلبه". (٣٢) ولكن سرعان ما راح يعترف لصديق بأن "المرء لا تزداد سعادته مثقال ذرة بنيله ما تمنى".
وكان خلال ذلك يكتب باللاتينية رسالة الدكتوراه التي أكدت (كما أكد فبرونيوس حق الدولة في الاستقلال عن الكنيسة. وقد نالت موافقة الكلية الجامعية؛ ونجح في الامتحانات؛ وفي ٦ أغسطس ١٧٧١ نال درجة الليسانس في القانون. وجاء أوان الرحيل عن ستراسبورج. فركب إلى زيزنهايم ليودع فردريكه، "وحين مددت إليها يدي وأنا على صهوة جوادي، اغرورقت عيناها بالدموع. وأحست بضيق شديد … وبعد أن نجوت آخر الأمر من انفعال الوداع، تمالكت نفسي تماماً ومضيت في رحلة هادئة مطمئنة". (٣٣) أما تقريع الضمير فجاء بعد ذلك. "لقد انتزعت جريتشن مني؛ وهجرتني آنيت؛ أما الآن فكنت مذنباً لأول مرة. فقد جرحت أحب قلب جرحاً في الصميم؛ وكانت فترة الندم الكئيب مع افتقادي ذلك الغرام المنعش الذي كنت قد ألفته- فترة عذاب أليم .. "(٣٤) إنه شعور أناني إلى حد محزن، ولكن من منا، في تجارب الحب وزلاته، لم يجرح قلباً أو قلبين قبل أن يظفر بقلب؟ وماتت فردريكه دون أن تتزوج، في ٣ أبريل ١٨١٣.
ب- جوتز وفرتر
لم يمارس حامل إجازة القانون الجديد مهنة المحاماة في فرانكفورت إلا كرهاً وكان يزور دارمشتات بين الحين والحين، وأحس تأثير تمجيدها