للعاطفة في وجدانه. وجاز الآن فترة من رد الفعل الشديد ضد فرنسا، وضد الدراما الفرنسية وقواعدها الصارمة، وحتى ضد فولتير. وراح يسيغ أكثر فأكثر شكسبير الذي عرض على خشبة المسرح طبيعة الإنسان حلالاً كانت أو حراماً. في هذا المزاج، وفي عنفوان الشباب وحيويته، كان مهيأ للحركة الزوبعية. فتعاطف مع رفضها للسلطة، وإعلائها للغريزة فوق العقل، وللفرد البطل فوق الجماهير الحبيسة في سجن التقاليد. وهكذا كتب "جوتز فون برليشنجن" في ١٧٧٢ - ٧٣.
وكانت إنجازاً ممتازاً من فتى في الثالثة والعشرين: دراما جمعت بين الحب والحرب والخيانة في قصة تنبض بالحماسة للحرية، وتنضج حيوية، وتشد الانتباه من أولها لآخرها. أما جوتز هذا ففارس أطاح الرصاص بيمناه في المعركة وهو في الرابعة والعشرين (١٥٠٤)؛ فركبت في ذراعه يد حديدية أعانته على استعمال سيفه قاطعاً بتاراً كما كان من قبل، وإذ رفض الاعتراف بأي سيد إلا الإمبراطور، فقد أصبح واحداً من أولئك "البارونات اللصوص" الذين ادعوا باسم الحرية أن لهم مطلق السلطة على أرضهم إلى درجة سلب عابري السبيل وشن الحروب الخاصة. وفي ١٤٩٥ أصدر الإمبراطور مكسمليان الأول مرسوماً يحرم الحروب الخاصة، وإلا كان عقاب المذنب مزدوجاً- النفي بأمر الإمبراطور والحرم بأمر الكنيسة. ورفض جوتز ذو اليد الحديدية النفي لأنه يخالف الحقوق المتوارثة، ودارت التمثيلية أول أمر حول الصراع بين فارس المتمرد وأمير بامبرج الأسقف. وإذ كان جوته يحب النساء أكثر كثيراً من حبه للحرب، فإنه ركز الاهتمام على أوليده فون فالدورف التي ألهب جمالها وثراؤها رجالاً كثيرين بالرغبة المشبوبة المستهترة. ففي سبيلها نقض أدلبرت فون قايزلنجن، وهو فارس "حر" آخر، تحالفه مع جوتز وفسخ خطبته لماريا أخت جوتز، وإنجاز إلى الأسقف. ولعل جوته تذكر- في حب فايزلنجن المتذبذب- عدم وفائه هو. وأرسل نسخة من التمثيلية إلى فردريكه بيد صديق قائلاً "سيري عن فردريكه المسكينه بعض الشيء أن ترى العاشق الخائن يموت بالسم"(٣٥).