للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إخفاقه كان نتيجة لضعف إيمانهم (٨٤). وأقبل الناس على الدين الجديد زرافات ووحداناً، وشادوا له الهياكل وأغدقوا المال على كهنته بسخاء عظيم، ومزجوا به جزءاً من قصصه الشعبي الخرافي الذي لا ينضب له معين. واتخذ الناس لو دزه إلهاً يعبدوه، وقالوا إن أمه حملت فيه حملاً سماوياً، واعتقد المؤمنون الصالحون إنه وُلد كامل العقل طاعناً في السن لأنه أقام في بطن أمه ثمانين عاماً (٨٥). ثم ملأوا الأرض بشياطين وآلهة جديدة، وكانوا يخيفون الأولى بصواريخ نارية تنفجر في أفنية الهياكل ويبتهج بانفجارها من يجتمع حولها من الناس، ويوقظون الثانية من سباتها بنواقيس ضخمة قوية الصوت لتستمع إلى دعوات عُبَّادها ومطالبهم الملحة.

وظلت العقائد الدوية ألف عام عقيدة الملايين من الصينيين، وآمن بها كثير من الأباطرة، وحاك أتباعها كثيراً من الدسائس، وكافحوا أشد الكفاح لينتزعوا من الكنفوشيين حقهم المقدس في فرض الضرائب وإنفاق حصيلتها. ثم قضى عليها آخر الأمر، ولكن الذي قضى عليها لم يكن منطق كنفوشيوس وأتباعه بل قضى عليها دين جديد أقدر منها هي نفسها على إلهام رجل الشارع وبعث السلوى في نفسه.

وهذا الدين الجديد هو البوذية، ولم تكن البوذية التي بدأت تنتقل من الهند إلى الصين في القرن الأول الميلادي هي العقيدة الجامدة المكتئبة التي نادى بها "المستنير" قبل دخولها إلى الصين بخمسمائة عام، ولم تكن عقيدة قائمة على الزهد والتقشف، بل كانت ديناً يدعو إلى الإيمان في غبطة وبهجة بآلهة تعين البشر على أعمالهم، وجنة ذات أزهار ورياض. واتخذت على توالي الأيام صورة المركبة الكبرى أو الماهيانا التي وفق فقهاء الكتشكا بينها وبين الحاجات العاطفية لسكان الصين السُذج؛ وغمرت الصين بآلهة جدد لا يفترقون كثيراً عن الآدميين أمثال أميتبها حاكم الجنة، وكوان- ين إله الرحمة وإلهتها فيما