فلما أن عاد جوته وشيلر إلى فايمار لم يكن يفصل مسكنيهما غير مسيرة قصيرة، ولكنهما لم يتصلا الواحد بالآخر. وساءت العلاقة بينهما بظهور نقد شيلر المناوئ لتمثيلية جوته "إجمونت" وقرر جوته أن أثينا الصغيرة" لا تتسع لكليهما. ففي ديسمبر ١٧٨٨ زكى شيلر لكرسي في التاريخ بجامعة يينا. وقبل شيلر المنصب مسروراً وزار جوته ليشكره، ولكنه كتب إلى كورنر في ٢٩ فبراير ١٧٨٩:
لو طالت عشرتي لجوته لشقيت بها. فهو لا يهش حتى لأصدق أصدقائه، ولا شيء يربطه. وأنا أومن حقاً أنه أناني من الدرجة الأولى. وقد أوتي موهبة تطويق أعناق الناس بمجاملات صغيرة وكبيرة، ولكنه يفلح دائماً في أن يظل هو نفسه حراً … وأنا أنظر إليه على أنه تجسيد لنظام مدروس جيداً من الأنانية التي لا حد لها. وينبغي ألا يطيق الناس مخلوقاً كهذا بقربهم. وأنا أبغضه لهذا السبب، وإن لم أملك إلا الإعجاب بعقله، والتفكير فيه بسمو. لقد بعث في مزيجاً عجيباً من البغض والحب" (٩١).
وفي ١١ مايو ١٧٨٩ تسلم شيلر عمله في يينا، وفي ٢٦ مايو ألقى "خطاب الافتتاح" وموضوعه "ما التاريخ العالمي وما الهدف من دراسته"؟ وإذ كان الدخول مجاناً، فقد تبين أن الحضور يفوق كثيراً ما تتسع له الحجرة المخصصة، وانتقل الأستاذ مع جمهوره في هرج ومرج إلى قاعة في الطرف الآخر من المدينة. وقد لقيت هذه المحاضرة ثناءً مستطاباً، "فقد غنى لي الطلبة سريناداً في تلك الليلة وهتفوا لي ثلاثاً (٩٢). غير أن عدد من سجلوا أسماءهم لحضور المحاضرات كان صغيراً-وكان الحضور نظير رسم يدفعه الطالب، ومن ثم كان دخل شيلر من التدريس ضئيلاً.
فأضاف إليه بالكتابة. وفي ١٧٨٩ - ٩١ أصدر على ثلاث دفعات "تاريخ حرب الثلاثين". هنا وجد اليسر على الأقل من حيث اللغة، وإن منعته مضايقات شديدة مرة أخرى من الرجوع إلى المصادر الأصلية، وشوه حبه لإصدار الأحكام والتفلسف القصة وقطعها. ومع ذلك فقد رحب فيلاند بالكتاب دليلاً على "قدرة شيلر على أن يرتفع إلى مستوى هيوم وروبرتسن