لأنه يضيف العنصر فوق الطبيعي إلى الطبيعي، ويسبغ على كل شيء موهبة الخطابة أو الغناء.
وما أعظم الراحة التي نستشعرها حين نظهر هيلانة في الفصل الثالث، وهي ما تزال على نحو معجز إلاهة بين النساء، تغزو قلوب الرجال برشاقة حركتها أو بلحظ عينيها. وتتخذ القصة قوة جديدة، ويرتفع الكورس إلى نبرة سوفوكلية، حين تسمع هيلانة أن منيلاوس رغبة في عقاب "الجمال الوقح المتغطرس" أمر بأن تسلم هي ووصيفاتها إلى شهوات قبيل "بربري" يغوة بلاد اليونان من الشمال. أما زعيمهم ففاوست نفسه، الذي انقلب بحيلة مفستوفيلية فارساًمن فرسان العصور الوسطى، مليح القد والصورة واللباس. ويبلغ جوته ذروة فنه الدرامي حين يصف لقاء هيلانة وفاوست- اليونان القديمة تواجه ألمانيا الوسيطة. فليتحد الإثنان! تلك هي الفكرة الرئيسية في القصة. ويفتتن فاوست ككل الرجال فيلقي عند قدمها بكل ما وهبه السحر والحرب من مال وقوة. وتستسلم هي لتوسلاته، فهذا المصير على أي حال لم يكن شراً من الموت. ولكن منيلاوس يقترب مع جيشه فيقطع عليهما نعيمهما. وفي لمح البصر ينقلب فاوست من الغرام إلى الحرب، ويستنفر رجاله ويقودهم إلى غزو اسبرطة (وهذه ذكرى "الفرنجة" يغزون المورة في القرن الثالث عشر).
ثم يتغير المشهد، فقد مرت السنون سراعاً، وإذا يوفوريون شاب سعيد يشرح صدر فاوست وهيلانة بـ "العناق والمزاح اللعوب والنداءات المرحة"(٩٣). قافزاً في استهتار من جرف إلى جرف، وأبواه يحذرانه في رفق، راقصاً في عنف مع الحوريات اللائي افتتن بحسنه (بايرون في إيطاليا)، ويمسك بواحدة منهن في جذل، فإذا هي تنفجر مشتعلة بين ذراعيه. وحين يسمع في ترحيب ناقوس الحرب يدق، يندفع خارجاً، فيهوى من منحدر قائم، ويدعو أمه وهو يموت لتلحق به في العالم السفلي.
"هيلانة (لفاوست) ويلاه! إن حكمة قديمة يتحقق في صدقها- فزفاف المال إلى الجمال لا يدوم أبداً. إن رباط الحياة يتمزق كما يتمزق