للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويبدو أنه ارتد بعد ذلك، لأنه أحرق في ١٧٣٩ ولما يعد الخامسة والثلاثين (١٥) ثم أنهى المركيز دبومبال بإصلاح من إصلاحاته الكثيرة كل تفرقة بين المسيحيين القدامى والمحدثين (الذين اعتنقوا المسيحية) (١٧٧٤) (١٦).

أما في إيطاليا فقد سبقت البندقية غيرها إلى تحرير اليهود، ففي ١٧٧٢ أعلن أن يهود الجمهورية أحرار متساوون مع سائر السكان. وتخلفت روما، وكان الغيت (حي اليهود) هناك أسوأ أحيائهم في أوربا. وزادت خصوبة الإنجاب الشديدة التي شجعها الأخبار من لفقر والقذارة، وأتت على يهود روما فترة كان عشرة آلاف منهم يسكنون في حين لا يزيد على كيلومتر مربع واحد (١٧). وكان نهر تيير يفيض على ضفافه كل عام فيغمر شوارع الحي الضية ويملأ الحجرات السفلى بالطين الموبوء. واحترف يهوديو روما الخياطة لحرمانهم من أكثر الحرف؛ ففي ١٧٠٠كان ثلاثة أرباع الذكور البالغين منهم خياطين (١٨)، فبدأوا بذلك عادة تحدرت بينهم حتى أيامنا هذه. وفي ١٧٧٥ أصدر بيوس السادس مرسوماً بابوياً جدد فيه القديم من المحظورات على اليهود وأضاف إليها جديداً: فحرم عليهم ركوب العربات، وترتيل المراثي في الجنائز، وإقامة الشواهد على قبور موتاهم (١٩). وكان على يهود روما أن ينتظروا مجيء نابليون ليحررهم من هذه القيود.

وأما في النمسا فقد أحست ماريا تريزا أن التقوى تلزمها بحبس اليهود في أحياء ضيقة بعينها، وبحرمانهم من الحرف والمناصب وتملك العقارات (٢٠)، ولكن ابنها يوزف الذي مسه التنوير الفرنسي اقترح على مجلس الدولة في ١٧٨١ مشروعاً "يفيد به المجتمع من طبقة الإسرائيليين الكبيرة في أراضينا الوراثية" (النمسا والمجر وبوهيميا) وذلك بتشجيعهم على أن يتعلموا-وبعد ثلاثة أعوام يشترط عليهم أن يستعملوا-اللغة القومية في جميع الشئون القانونية أو السياسية أو التجارية. ويجب "ألا يضايق اليهود على أي وجه في ممارسة شعائرهم أو عقائدهم". وينبغي دعوتهم للاشتغال بالزراعة، ولدخول ميدان الصناعة والتجارة، ولممارسة الفنون-على أن يظل محظوراً عليهم أن يصبحوا معلمي حرف في النقابات الحرفية، لأن هذا يتطلب حلف يمين الولاء للعقيدة المسيحية. ثم تلغي كل أسباب التفرقة المهنية، وكل