للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القيود المفروضة إلى ذلك الحين على اليهود، "وكذلك كل العلامات الظاهرة أياً كانت". واعترض مجلس الدولة والمديرون الإقليميون على البرنامج لأنه فضفاض مفاجئ بحيث لا يقبله الشعب. وقدم يوزف حلاً وسطاً، فأصدر في ٢ يناير ١٧٨٢ "ترخيص تسامح" ليهود فيينا والنمسا السفلي: فنالوا بمقتضاه حق إدخال أبنائهم مدارس الدولة وكلياتها، والتمتع بالحرية الاقتصادية إلا أن يتملكوا العقارات؛ ولكن حرم عليهم التنظيم الطائفي المستقل، وبناء المجامع في العاصمة، ومنعوا من سكنى مدينة معينة-ربما لأنه العداء لليهود فيها كان مستحكماً إلى درجة خطرة. ونصف يوزف رعاياه المسيحيين باحترام أشخاص اليهود وحقوقهم باعتبارهم إخوانا لهم، وكل إهانة أو عنف يعامل به يهودي "سيعاقب مقترفه عقاباً صارماً"، ويجب أن يمنع إدخالهم في المسيحية بالإكراه. وما لبث الإمبراطور أن أصدر تراخيص مماثلة لبوهيميا ومورافيا وسيلرينا النمساوية. وقد قدر لليهود مساهماتهم في خزانته، فخلع النبالة على عدة يهود، واستخدم عدد منهم ماليين للدولة (٢١).

ولكن إصلاحاته-كما ذكر المبعوث الفرنسي إلى فيينا-"أثارت صيحة استنكار عامة … والتسهيلات الكبيرة الممنوحة لليهود يراها الناس مفضية بلا ريب إلى خراب الدولة" (٢٢). وشكا التجار المسيحيون من المنافسة الجديدة، وأدان القساوسة المراسيم لأنها تتسامح مع الهرطقة السافرة. واعترض بعض الحاخامات على اختلاف الأطفال اليهود إلى مدارس الدولة مخافة أن تفتن الشباب عن اليهودية، ولكن يوزف أصر على موقفه، وقبل أن يموت بسنة وسع "ترخيص التسامح" ليضم غاليسياً أيضاً، وكانت إحدى مدنها، وهي برودي، تضم خلقاً كثيراً من اليهود (١٨. ٠٠٠) حتى لقد لقبها الإمبراطور أورشليم الحديثة. وعند موت يوزف (١٧٩٠) كانت فيينا قد عودت نفسها على النظام الجديد، ومهدت الأرض لثقافة فيينا اليهودية المسيحية الرائعة التي ازدهرت في القرن التاسع عشر.

ويمكن القول عموماً إن حظ اليهود في الأقطار الإسلامية كان خيراً من