حظهم في الأقطار المسيحية. وقد وصفت الليدي ماري ورتلي مونتجيو، ربما في شيء من المبالغة حالهم في تركيا عام ١٧١٧ فقالت:
"إن اليهود … يتمتعون بسلطان لا يصدق في هذا البلد. فلهم امتيازات كثيرة يفوقون فيها جميع الأهالي الأتراك أنفسهم … لأنهم يحاكمون طبقاً لقوانينهم. وقد استقطبوا كل تجارة الإمبراطورية في أيديهم، وذلك بفضل ما يربطهم من وحدة وثيقة من جهة ومن جهة أخرى لبلاده الترك وافتقارهم إلى الجد والاجتهاد. ولكل باشا مساعده اليهودي الذي يدير أعماله … وهم الأطباء، والوكلاء، والمترجمون، لأكابر القوم أجمعين … وكثير منهم ذوو ثراء عريض"(٢٣).
والبون شايع بين حظ هؤلاء وحظ اليهود القلائل الموجودين في روسيا-لاسيما في "أقاليم التخوم" المواجهة لبولندة-عند وفاة بطرس الأكبر. وفي ١٧٤٢ أمرت الإمبراطورة اليزابث بتروفنا بأن "يرحل فوراً من إمبراطوريتنا كلها … جميع اليهود … ولا يسمح لهم منذ الآن بدخول إمبراطوريتنا بأية حجة … ما لم … يعتنقوا الديانة المسيحية على المذهب الرومي". وما حلت سنة ١٧٥٣ حتى كان قد طرد قرابة ٣٥. ٠٠٠ يهودي (٢٤) وتشفع بعض رجال الأعمال الروس لدى الإمبراطورة لتخفف من صرامة المرسوم، محتجين بأن طرد اليهود قد أحدث كساداً في اقتصاد الأقاليم لأنه حول التجارة منها إلى بولندة وألمانيا، ولكن اليزابث لم تلن لها قناة.
فلما أن تربعت العرش كاترين الثانية أرادت أن تسمح بدخول اليهود من جديد، ولكنها أحست بأن هذا العرش يهتز من تحتها اهتزازاً لا تجرؤ معه على التصدي لمعارضة رجال الدين. غير أن التقسيم الأول لبولندة أوصل المشكلة إلى مرحلة جديدة. فما العمل في ٢٧. ٠٠٠ يهودي طال مقامهم في ذلك الجزء من بولندة الذي ظفرت به روسيا الآن؟ لذلك أعلنت كاترين (١٧٧٢)"أن الجماعات اليهودية المقيمة في المدن والأقاليم التي أدمجت الآن في الإمبراطورية الروسية تترك لتتمتع بجميع الحريات التي تملكها الآن"(٢٥). وسمح لهؤلاء اليهود البولنديين بقسط كبير من الحكم الذاتي، وأجيز لهم