الأطفال للحصول على دم مسيحي، واستدعى يهود بولنديون لمحاكمتهم على تهم كهذه في ١٧١٠ و١٧٢٤ و١٧٦٣ و١٧٤٧ و١٧٤٨ و١٧٥٣ و١٧٥٦ و١٧٥٩ و١٧٦٠، وعذبوا في حالات كثيرة، حتى الموت أحياناً، وسلخت جلود بعضهم أحياء، ومات بعضهم بالخازوق موتاً بطيئاً … (٢٩) وفزع اليهود المروعون إلى البابا بندكت الرابع عشر ليكف عنهم هذه الاتهامات، وعرضت أدلة الإثبات والنفي على الكردينال كامبانيللي، وبعد أن تلقى تقريراً من الفير البابوي في وارسو، أصدر مذكرة مؤداها أنه لم يثبت في حالة من هذه الحالات أنهم مذنبون. وأيدت محكمة ديوان التفتيش بروما مذكرة الكردينال. وكتب السفير البابوي للحكومة البولندية (١٧٦٣) يقول "إن الحبر الأقدس، بعد فحص كل الأسس التي قام عليها اتهامهم بهذا الشذوذ-وهو أن اليهود يحتاجون إلى الدم البشري لتجهيز فطيرهم، خلص إلى أنه ما من دليل يثبت صحة ذلك الاتهام المغرض"(٣٠). وكان البابا انوسنت الرابع قد أصدر حكماً مماثلاً في ١٢٤٧. ولكن الاتهام بالشذوذ لم يتوقف.
وكان الخوف من المذابح عنصراً يتردد في حياة اليهود البولنديين. ففي ١٧٣٤ و١٧٥٠ و١٧٦٨ تألفت جماعات من القوزاق والفلاحين الأرثوذكس الروس الذين نظموا على شكل عصابات مثيرة للشغب، وشنت الغارات على كثير من المدن والقرى في أقاليم كييف وفولهينيا وبودوليا، وينهبون الضياع ويقتلون اليهود. وفي ١٧٦٨ حمل المغييرون "مرسوماً ذهبياً" نسب زوراً وبهتاناً إلى كاترين الثانية، ويدعوهم إلى "استئصال شأفة البولنديين واليهود، الذين يدنسون ديانتنا المقسدة"، وذبحوا في مدينة واحدة هي أومان عشرين ألف بولندي ويهودي. وجردت كاترين جيشاً روسياً يتعاون مع القوات البولندية على قمع المغيرين (٣١).
أما في ألمانيا فإن اليهود كانوا يعيشون في أمن ورخاء نسبيين وإن أعانوا من شتى المعوقات في الحياة الاقتصادية والسياسية. فقد فرضت عليهم ضرائب خاصة في معظم الإمارات (٣٢). ولم يسمح القانون إلا لعدد محدود من اليهود بالعيش في برلين، ولكن القانون لم ينفذ بدقة، فزادت الجالية