خاصاً به. ففي ١٧٦٣، وهو في الثالثة والثلاثين، تزوجت فرومريت جوجنهايم البالغة خمسة وعشرين ربيعاً. وكان كلاهما قد بلغ سن النضج الفكري، فأثمر اتحادهما الكثير من السعادة. وفي شهر العسل بدأ العمل في مسابقة قدمت فيها أكاديمية برلين جائزة لأفضل مقال يتناول هذا الموضوع "هل العلوم الميتافيزيقية تقبل الأدلة كالعلوم الرياضية". وكان من المتسابقين إيمانويل كانط. وفاز مقال مندلسون (١٧٦٣)، فأتاه بخمسين دوقاتية وبشهرة دولية.
وكان بين المتسابقين توماس آبت، وهو أستاذ في فرانكفورت-على الأودر. وفي رسائل كثيرة تبادلها مع مندلسون أعرب عن شكوكه في خلود الروح، وأسف على أن فقدان ذلك المعتقد قد يقوض الناموس الأخلاقي ويحرم التعساء من آخر عزاء لهم. وبعض الفضل راجع إلى هذه الرسائل في وضع مندلسون لأشهر كتبه قاطبة "فيدون". وقد صاغه على مثال نموذجه الأفلاطوني في شكل حوار وفي أسلوب ميسر. فروح الإنسان (كما يزعم) متمايزة مع المادة بشكل واضح، إذن لنا أن نعتقد أنها لا تشارك الجسد مصيره؛ وإذا كنا نؤمن بالله فإننا لا نستطيع الافتراض بأنه يخدعنا إذ يغرس في عقولنا أملاً دون أن يكون له إحساس من الحقيقة. يضاف إلى هذا (وهو ما سيذهب إليه كانط) أن للروح حافزاً طبيعياً نحو كمال الذات؛ وهذا لا يمكن تحقيقه في حياتنا؛ ولا بد أن الله يسمح للروح بأن تحيا بعد موت الجسد. وقد شعر مندلسون بأنه "بدون الله، والعناية الإلهية، والخلود" تفقد كل طيبات الحياة قيمتها في نظري وتصبح حياتنا على الأرض … أشبه بالتيهان في الريح والمطر دون أمل يعزي التائه بالعثور على غطاء ووقاء في الليل" (٤٩). وبراهين الكتاب هشة، ولكن أسلوبه أبهج قراء كثيرين، ولاح أن الكاتب ظفر باستعادة سحر محاورات أفلاطون، والواقع أن لقب "أفلاطون الألماني" اسماً ثانياً لمندلسون. وطبعت من الكتيب خمس عشرة طبعة وترجم إلى جميع اللغات الأوربية تقريباً كما ترجم إلى العبرية، وكان في جيله أوسع الكتب انتشاراً في ألمانيا باستثناء القصص. وشارك هردر وجوته في تقريظه.