وزار لافاتر مؤلفه، وفحص رأسه ووجهه، وأعلن أن كل نتوء وخط فيه يشي بروح سقراط (٥٠).
وأشاد المسيحيون على اختلاف مذاهبهم باليهودي البليغ، والتمس منه راهبان بندكتيان النصيحة الروحية. ولكن في ١٧٦٩ آثار لافاتر، الذي كان لاهوتياً غيوراً كما كان عالمة في الفراسة، ضجة بتوجيهه نداءاً علنياً لمندلسون أن يدخل في المسيحية. ورد مندلسون في " (١٧٧٠) فسلم بعيوب الديانة اليهودية والحياة اليهودية. ولكنه ذكر أن عيوباً كهذه تنشأ في كل ديانة في أثناء تاريخها، وطلب إلى لافاتر أن يفكر في الشدائد التي عاناها اليهود في الأقطار المسيحية، ثم أضاف: "إن الذي يلم بما نحن عليه الآن من حال، إن كان له قلب رحيم، سيفهم أكثر مما في وسعي التعبير عنه". واختتم بهذه العبارة "إنني لوطيد الثقة بالعناصر الأساسية في إيماني … بحيث أشهد الله على أنني سأثبت على عقيدتي الأصلية ما لم تتخذ روحي طبيعة أخرى" (٥١) وتأثر لافاتر، واعتذر بتواضع عن توجيهه هذا النداء (٥٢). ولكن نفراً كبيراً من المعلقين شهروا بمندلسون متهمينه بالكفر، وأدته بعض اليهود السنين لتسليمه بأن هناك نقائض تسلك إلى الشعار اليهودية (٥٣). وظل الجدل حيناً يثير من النقاش أكثر مما تثيره السياسة القومية أو تدهور صحة فردريك.
وعانت صحة مندلسون نفسه من هذه الضجة، فاضطر طوال شهور من عام ١٧٧٢ أن يكف عن أي نشاط ذهني. فلما استعاد عافيته كرس من وقته قدراً أكبر للتخفيف من آلام إخوانه في الدين. وحين تهيأت بعض أقاليم سويسرة لفرض مزيد من القيود على اليهود طلب إلى لافاتر أن يتدخل في الأمر، ففعل، وكان موقفاً في شفاعته. وحين وضعت سلطات درسدن خطة لطرد مئات من اليهود استعان مندلسون بصداقة تربطه بموظف محلي للحصول على الأمان لهم (٥٤). وبدأ في ١٧٧٨ نشر ترجمته للأسفار الموسوية الخمسة؛ وأصدرها في ١٧٨٣، فأثارت عاصفة جديدة. ولكي يكتب بعض الشروح على النص كلف هرتس هومبرج بالمهمة، وكان مرتبطاً بيهود من برلين مبتوتي الصلة تماماً بالمجمع اليهودي. وحرم الترجمة أحبار عديدون، ولكنها شقت طريقها إلى الجاليات اليهودية؛ وتعلم شباب