اليهود الألمانية منها، وتحرك جيل اليهود التالي للمشاركة النشيطة في الحياة الفكرية لألمانيا. ونشر ليسنج خلال ذلك (١٧٧٩) مسرحيته "ناثان الحكيم"، التي فسرها القراء على أنها تمجيد لصديقه اليهودي.
أما وقد بلغ مندلسون قمة الشهرة والنفوذ، فإنه أقنع ماركوس هرتس بأن يترجم إلى الألمانية كتاب "الدفاع عن اليهود" الذي وجهه منسي بن إسرائيل إلى الشعب الإنجليزي في ١٦٥٦. وأضاف إلى الترجمة مقدمة في "خلاص اليهود"(١٧٨٢)، ناشد فيها الأحبار أن يتخلوا عن حقهم في الحرم. واتبع هذا في ١٧٨٣ بكتاب بليغ سماه" أورشليم، أو في السلطة الدينية والديانة اليهودية"، أعاد فيه تأكيد إيمانه اليهودي، وأهاب باليهود أن يخرجوا من عزلتهم وانطوائهم ويدلوا بدلوهم في الثقافة الغربية، وحث على الفصل بين الكنيسة والدولة، وأدان أي إكراه في الدين، وذهب إلى أن الحكم على الدول بقدر اعتمادها على الإقناع لا القوة. وكتب كانط، الذي كان هو الآن أيضاً في أوج شهرته، إلى المؤلف رسالة تستحق أن يفرد لها مكان في سجلات الصداقة. قال:
"إني أعد هذا الكتاب بشير إصلاح عظيم لن يؤثر في شعبك فحسب بل في الشعوب الأخرى. فلقد وفقت في الجمع بين دينك وبين قدر من حرية الضمير لم يتصور أحد أنه ميسور … ثم أنك في الوقت نفسه أبنت في كثير من الوضوح والدقة ضرورة حرية الضمير التي لا حدود لها في كل دين، بحيث أن كنيستنا (اللوثرية) ستضطر آخر الأمر إلى النظر في أن تزيل من وسطها كل شيء من شأنه إقلاق الضمير أو إكراهه"(٥٥).
وهاجم الكتاب الزعماء السنيون مسيحيين كانوا أو يهوداً، ولكنه أسهم إلى حد هائل في تحرير اليهود وتغريبهم.
في عام ١٧٨٣ لم يكن مندلسون قد تجاوز الرابع والخمسين، ولكنه كان دائماً رقيق البنية معتل الصحة، وقد أحس أنه لم يبق له من الأجل كثير. وفي أخريات سنيه ألقى على أبنائه وعلى بعض أصحابه محاضرات حدد فيها عقيدته الدينية، وقد نشرت في عام ١٧٨٥ باسم "ساعات الصباح أو محاضرات في وجود الله". وفي آخر سنة من عمره صدمه أن يقرأ في كتاب