أما بيرك فزعم أنه حري، ودافع عن مبادئ المحافظين دفاعاً أقوى وأفضل تبريراً من أي رجل في التاريخ الإنجليزي.
وبدا أحياناً أنه يؤيد أكثر عناصر النظام القائم عرضة للاعتراض والمساءلة فقد عارض إحداث تغييرات في قواعد انتخاب الأعضاء أو سن القوانين. ورأى أن الدوائر الانتخابية "العفنة" أو دوائر "الجيب" (أي التي يتحكم فيها شخص أو أسرة واحدة (لا غبار عليها ما دامت ترسل رجالاً أكفاء مثله إلى البرلمان. وبدلاً من توسيع حق التصويت. رأى أنه "بخفض العدد سيزداد ثقل ناخبينا واستقلالهم"(٤٤). ومع ذلك احتضن عشرات القضايا التحررية. ودافع عن حرية التجارة قبل آدم سمث، وهاجم النخاسة قبل ولبرفورس. ثم نصح بإزالة المعوقات السياسية المفروضة على الكاثوليك، وأيد التماس المنشقين على الكنيسة الرسمية أو يمنحوا كامل حقوقهم المدنية. وحاول أن يلطف من صرامة قانون العقوبات الوحشية ويخفف من الأعباء التي تنؤ بها حياة الجندي. ودافع عن حرية المطبوعات وإن إكتوى هو نفسه بنارها. ووقف يذود عن إيرلندة وأمريكا والهند في وجه أغلبيات شوفينية. وناصر البرلمان على الملك بصراحة وجرأة أفقدتاه كل أمل في منصب السياسي الرفيع. وقد تختلف معه في آرائه ودوافعه، ولكن لن نستطيع الشك في شجاعته.
وقد كلفته آخر حرب شعواء شنها في حياته العملية-وهي حرية على الثورة الفرنسية-صداقة رجل طالما كان موضع حبه وإعجابه. وكان هذا الرجل وهو تشارلز جيمس فوكس يرد على محبته بمثلها ويقاسمه أخطار العقل والخلق تقريباً إلا الإنسانية والشجاعة. فبيرك إيرلندي، فقير، محافظ، متدين، متمسك بالأخلاق، وفوكس إنجليزي، غني، راديكالي، لا يبقى من الدين إلا على القدر الذي يتفق والقمار والشراب والخليلات والثورة الفرنسية. كان ثالث أبناء هنري فوكس ولكنه آثرهم عنده، وقد ورث الأب ثروة، وبددها، ثم تزوج ثروة ثانية، وجمع ثالثة وهو كبير