العنق، ووجه منتفخ محتقن بالإسراف في الطعام والشراب، وكرشه المتضخم يوشك أن يندلق على ركبتيه وهو جالس. وحين نازل وليم آدم في مبارزة رفض نصيحة شاهده بأن يتخذ الوقفة الجانبية المعتادة، إذ قال "أنني غليظ في ناحية غلظي في الأخرى"(٤٨) ولم يحاول إخفاء عيوبه. وكان من الأقاويل الشائعة عنه أنه أثبت أنه ضحية محببة للنصابين والمحتالين من المقامرين. وذات مرة (في رواية جبون) قامر اثنتين وعشرين ساعة في جلسة واحدة خسر فيها ٢٠٠. ٠٠٠ جنيه. ومن أقوال فوكس أن أعظم اللذات في الحياة بعد الربح هي الخسارة (٤٩). وكان يملك أسطبلاً لخيول السباق، ويراهن بمبالغ كبيرة عليها، وقد كسب منها أكثر مما خسر (كما يريدنا أن نصدق)(٥٠).
وكان أحياناً متسيباً في مبادئه السياسية تسيبه في مبادئه الخلقية وهندامه؛ فقد سمح غير مرة لمنافعه أو خصومته الشخصية أن تقرر مسلكه. وكان أميل إلى الكسل، ولم يكن يعد خطة أو مشروعات قوانينه البرلمانية بالعناية والدرس اللذين تميز بهما بيرك. وكان يملك في ميدان الخطابة مزايا قليلة، ولم يلتمس غيرها. وكثيراً ما كانت خطبه عديمة الشكل كثيرة التكرار، صادمة للنجاة أحياناً. ويقول عنه رتشرد بورسن "كان يقذف بنفسه في معمعان جمله ويكل إليه تعالى مهمة إخراجه منها"(٥٠). ولكنه وهب من سرعة البديهية وقوة الذاكرة ما جعله بالإجماع أقدر مناقش في مجلس العموم. وكتب هوراس ولبول "أن تشارلز فوكس أسقط ساتوون (شاتام) العجوز عن عرش الخطابة"(٥٢).
وكان معاصرو فوكس متسامحين في أخطائه لأن كثيرين شاركوه فيها، وقد أجمعوا تقريباً على الشهادة بفضائله. فقد ظل معظم حياته بعد عام ١٧٧٤ أميناً للقضايا التحررية مضحياً في سبيلها تضحيات تستهين بالترقي في المنصب وبالشعبية. أما بيرك الذي كان يحتقر الرذيلة فقد أحب فوكس رغم ذلك لأنه رآه مخلصاً في غير أنانية للعدالة الاجتماعية والحرية الإنسانية. قال بيرك "أنه رجل خلق ليحب، ذو طبع غاية في البراءة والبساطة والصراحة وحب الخير، نزيه في اسراف، له مزاج لطيف سمح إلى حد الإفراط،