ليس في كيانه بأسره ذرة حقد واحدة (٥٣) وقد أتفق معه جبون فقال "لعله لم يوجد مخلوق أكثر منه تجرداً من لوثة الحقد أو الغرور أو الكذب"(٥٤). ولم يمتنع على هذه الجاذبية التلقائية والسحر الفطري في الرجل غير جورج الثالث.
وارتبط ببيرك وفوكس في قيادة عنصر الهوجز التحرري إيرلندي ثان هو رتشارد برنزلي شريدان. وقد نشر جده توماس شريدان الأول مترجمات عن اليونانية واللاتينية، كتاباً سماه "فن التورية"، ربما سرت عدواه إلى حفيده. أما أبوه توماس شريدان الثاني فكان في رأي البعض لا يفوقه غير جاريك ممثلاً ومديراً للمسرح. وقد تزوج فرانسيس تشيمبرلن، وكانت كاتبة مسرحية وروائية ناجحة. ونال الدرجات العلمية من دبلن وأكسفورد وكمبردج، وحاضر في كمبردج في التعلم؛ وكان الواسطة في الحصول على معاش ملكي لجونسن، وحصل على معاش لنفسه. وألف كتاباً مسلياً عن "حياة سويفت" وغامر بنشر "قاموس عام في اللغة الإنجليزية"(١٧٨٠) ولما ينقض على نشر قاموس جونسن غير خمسة وعشرين عاماً. وأعان ابنه على إدارة مسرح دوروري لين، وشهده يصعد في دنيا الرومانس والأدب والبرلمان.
وهكذا أتيحت لرتشارد عناصر التفوق الفكري والدراما في بيئته إن لم يكن في دمه. وقد ولد في دبلن (١٧٥١)، حين بلغ الحادية عشرة أوفد إلى هارو حيث أقام ست سنين واكتسب تعليماً كلاسيكياً جيداً؛ وحين بلغ العشرين ردد صدى جده بنشره مترجمات عن اليونانية. وفي علم ١٧٧١ ذاك بينما كان يعيش في باث مع والديه، وهام حباً بوجه إليزابث آن لنلي الجميلة وصوتها، وكانت في السابعة عشرة، تغني في الحفلات الموسيقية التي يقدمها أبوها المؤلف توماس لنلي. والذين رأوا لوحة من اللوحات التي رسمها لها جينزبرو (٥٥) يدركون أنه لم يكن أمام رتشارد من سبيل إلا الهيام والإنتشاء، ولا أمامها هي أيضاً إذا صدقنا أخته، إذ رأته فتى مليحاً محبباً على نحو لا يقاوم. "كان خداه يشرقان ببريق العافية، وعيناه أبدع العيون