تحت التأثير الخفي والخبيث الذي أحبط كل النوايا الحسنة وأوحى بكل النوايا السيئة في جميع الحكومات المتعاقبة-هؤلاء حرموا شعبكم من أعز حقوقهم. لقد اقترفوا عملاً أفدح تدميراً في عواقبه من فرض تشارلز الأول ضريبة السفن، أو سلطة منح المعاشات التي ادعاها جيمس الثاني لنفسه" (٨٢).
وقد ناشد الخطاب الملك أن يعيد "الحكومة الدستورية … وأن تقصي أولئك الوزراء الأشرار عن مجالسك إلى الأبد" (٨٣) وأن يحل البرلمان الحالي. أما الملك المحنق فقد صاح ويده على سيفه "دون ذلك سيفي هذا" (٨٤). وبدت لندن لا باريس قاب قوسين من الثورة في ١٧٧٠.
وفي هذه الدوامة الملتهبة من دوامات السياسة قذف "جونيوس" بأشد الرسائل إثارة للفتنة في تاريخ إنجلترا. وقد أفلح في إخفاء هويته حتى عن ناشريه إخفاءاً تاماً، حتى أنه إلى يومنا هذا لا يعرف أحد من هو، وأن حزر معظمهم أنه السر فيليب فرانسيس، الذي سنلتقي به الخصم اللدود لوارن هيستنجز. وكان المؤلف قد وقع بعض رسائله باسم "لوشس"، وبعضها باسم "بروتس"، أما الآن فقد انتحل الاسم الأوسط "لوشس جونيوس بروتس؛ الذي يقول ليفي أنه خلع ملكاً (حوالي ٥١٠ ق. م.) وأسس الجمهورية الرومانية. وتدل فحولة لغة هذه الرسالة على أن "جونيوس" أوتي تعليم السادة وإن لم يؤت حسن أدبهم. والراجح أنه كان غنياً، لأنه لم يتقاض أجراً على رسائله التي وسعت قوتها ونقدها اللاذع من توزيع صحيفة "المعلن العام" توسيعاً غل الربح الوفير، وهي الصحيفة التي ظهرت فيها من ٢١ نوفمبر ١٧٦٨ إلى ٢١ يناير ١٧٧٢.
وفي مقاله "إهداء للأمة الإنجليزية" الذي صدر به المؤلف "رسائل جونيوس"(١٧٧٢) أعلن هدفه وهو "تأكيد حرية الانتخاب، والدفاع عن حقكم أنتم دون غيركم في اختيار ممثليكم "واتخذ نقطة انطلاقه إقصاء ولكس المتكرر، واعتقال كل من له صلة بالعدد ٤٥ من "بريطاني الشمال" بأمر اعتقال عام. "وأن حرية الصحافة هي الحصن المنيع لجميع الحقوق المدنية والسياسية والدينية للرجل الإنجليزي، وحق المحلفين … جزء أساسي من