للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحب المتحمس، البعيد، المشرب بالاحترام، أنها ستضطر يوماً ما إلى حمل ذلك الترياق القاطع ضد الخزي، المخفي في ذلك الصدر، ولا خطر ببالي أنني سأعيش لأرى خطوباً كهذه نصيبها في أمة من الرجال البواسل، أمة من رجال كلهم شرف وكلهم شهامة. كنت أظن أن عشرة آلاف سيف لا بد قافزة من إغمادها لتثأر حتى لنظرة واحدة تهددها بالإهانة. ولكن عصر الفروسية ولى، وخلفه عصر السوفسطائيين والاقتصاديين والحسابيين، وانطفأ مجد أوربا إلى الأبد" (١٤٦).

وضحك السر فيليب فرانسيس على هذا كله وقال إنه هراء رومانسي، وأكد لبيرك أن ملكة فلورنسا امرأة فاجرة لعوب (١٤٧). وكذلك رآها كثير من الإنجليز الوطنيين، على أن هوراس ولبول أكد أن بيرك صور ماري أنطوانيت "بالضبط كما بدت لي أول مرة رأيتها وهي ولية للعهد" (١٤٨).

فلما واصلت الثورة مسيرتها واصل بيرك هجومه فنشر "رسالة لعضو في الجمعية الوطنية" (يناير ١٧٩١) اقترح فيها أن تتحد حكومات أوربا لكبح جماح الثورة ورد ملك فرنسا إلى سلطته التقليدية. وروع الاقتراح فوكس، وفي ٦ مايو، في مجلس العموم، انتهى الصديقان اللذان حاربا كتفاً إلى كتف في حملات كثيرة جداً بتفرق طريقهما تفرقاً درامياً. فقد كرر فوكس ثناءه على الثورة. ولكن بيرك قام محتجاً وقال "ليس من الحكمة في أي وقت، خصوصاً في سني هذه، أن أستفز الأعداء، أو أعطي فرصة لأصدقائي ليتخلوا عني، ولكن إذا كان ولائي القوي الثابت للدستور البريطاني يضعني في هذه الورطة فإني على استعداد لركوب هذه المغامرة. "فأكد له فوكس أن الخلافات في الرأي بينهما لا تنطوي على فصم لأواصر الصداقة. وأجاب بيرك "كلا كلا، إن فيها فقداً للأصدقاء. إني أعرف ثمن سلوكي .. لقد انتهت صداقتنا. " (١٤٩) ولم يعد بعدهما للكلام مع فوكس إلا رسمياً فيما أكرها عليه من اتحاد الموقف في محاكمة هيستنجز.

وقد قدم بيرك في كتاباته عن الثورة الفرنسية تعبيراً كلاسيكياً لفلسفة محافظة. وأول مبادئها عدم الثقة بمنطق فرد أياً كان ذكاؤه إذا تعارض