للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي ١٧٦٠ منح لقب الفروسية. وكان يلقى الترحيب في كل مكان يحل به ضيفاً، واستضاف هو نفسه أصحاب العبقرية والجمال والنبل؛ وكان يلتقي على مائدته من رجال الأدب عدد يفوق ضيوف أي رجل آخر في إنجلترا (٣٧). وقد أهداه جولد سمث قصيدته "القرية المهجورة" وأهداه بوزويل "حياة صموئيل جونسون". ورينولدز هو الذي أسس في ١٧٦٤ "النادي" ليتيح لجونسون منبراً من نظائره.

ولا بد أنه أحب جونسون، فقد رسم له صوراً كثيرة جداً. ورسم لنفسه أكثر. غير لأنه لم يوهب وسامة الطلعة، فقد كان وجهه شديد الحمرة به ندوب من جدري أصابه في طفولته؛ وكانت ملامحه جافية، وشفته العليا شوهتها كبوة في مينورقة. وفي الثلاثين رسم نفسه وهو يظلل عينيه ويحاول اختراق تيه من الضوء والظل ليلتقط الروح الكامنة وراء وجه (٣٨). ثم صور نفسه في الخمسين وهو في رداء الدكتوراه، لأن جامعة أكسفورد كانت قد منحته لتوها الدكتوراه في القانون المدني. وأبدع هذه السلسلة صورته المحفوظة في قاعة الصور القومية، التي رسمها حوالي ١٧٧٥، وفيها يبدو وقد غدا وجهه أكثر تهذيباً، ولكن شعره خطه الشيب، ويده مضمومة إلى أذنه، لأنه كان في طريقه إلى الصمم.

وحين أسست أكاديمية الفنون الملكية في ١٧٦٨ أنتخب رينولدز رئيساً لها بالإجماع. وظل خمسة عشر عاماً يفتتح موسمها بحديث إلى الطلاب. وكان بوزويل من الأصدقاء الذين جلسوا في الصف الأمامي في حديثه الأول (٢ يناير ١٧٦٩). وقد أدهشت الكثيرين ممن استمعوا إلى هذه الأحاديث بلاغتها الأدبية، وظن بعضهم أن بيرك أو جونسون كتبها له، ولكن السر جوشوا كان قد تعلم الكثير من اتصالاته، وانشأ له أسلوباً وتفكيراً خاصين. وبالطبع شدد على أهمية الدرس بوصفه أكاديمياً، واستنكر الفكرة التي تزعم أن العبقرية قد تغني صاحبها عن التعلم وبذل الجهد الشاق، وازدرى "شبح الإلهام هذا"، وأصر على أن "الجهد هو الثمن الوحيد للشهرة الراسخة" (٤٠). ثم أنه "ينبغي اغتنام كل فرصة لاستنكار ذلك الرأي السوقي الباطل-وهو