إلى جامايكا. ولم ينفذ أمر القبض، وعاد روبرت إلى مزرعته. في ذلك الصيف ذاته وعد بأن يتزوج ماري كامبل وأن يصطحبها إلى أمريكا؛ ولكنها ماتت قبل أن يستطيعا تنفيذ الخطة؛ وقد أحيا بيرنز ذكراها في قصيدتيه "ماري الهايلاندية" و "إلى ماري التي في السماء"(٧٢).
في ذلك العام الحافل بالإنتاج (١٧٨٦) نشر في كلمارنوك أول دواوين شعره بالاكتتاب. وحذف من الديوان القصائد التي تسيء إلى الكنيسة أو أخلاقيات الشعب، وأبهج قراءه بلهجته الإسكتلندية وأوصافه لمشاهد الطبيعة المألوفة؛ وسرّ الفلاحين برفع دقائق حياتهم إلى مستوى الشعر المفهوم. ولعل شاعراً من الشعراء لم يعبر قط كما عبر عن هذا التعاطف مع الحيوانات التي تشارك في أعباء يوم الفلاح، أو "الخروف الأبله" الحائر وسط الثلج المنهمر، أو الفأر الذي أزاحه عن جحره المحراث القديم.
ولكنك يا جرذي لست الوحيد
الذي يثبت أن بعد النظر قد يكون باطلاً،
فكثيراً ما تخطئ أشد الفئران والناس أحكاماً.
ويكاد يبلغ مبلغ هذه الأبيات في جريها على الألسن مجرى الأمثال تلك التي تختم قصيدته المساه "إلى قملة عند رؤيتها أخرى على قبعة سيدة في الكنيسة":
ألا ليت قوة من القوى تهبنا أن
نرى أنفسنا كما يرانا الغير (٧٣).
ولكي يضمن بيرنز الترحيب بديوانه الصغير توجه بقصيدة سماها "ليلة سبت الفلاح": قصور الفلاح يستريح بعد أسبوع من الكد الشديد؛ وزوجته وأطفاله يلتفون به كل يحكي قصة من قصص نهاره؛ وكبرى بناته تقدم لأبيها الخطيب الخجول في تردد وإحجام؛ ثم المشاركة السعيدة في الطعام البسيط؛ والأب يقرأ الكتاب المقدس على أسرته؛ ثم الصلاة الجماعية، وإلى هذه الصورة السارة أضاف بيرنز مناجاة وطنية لـ "إسكتلندة، أرضي ووطني الحبيب! " وبيع كل مطبوع من النسخ إلا ثلاثاً وعددها ٦١٢ في