للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشاب تعليمه. فودع زليدة، وبالطبع كان في عينه دموع الحب، وفي ١٨ يونيو ١٧٦٤ عبر الحدود إلى ألمانيا. وظل قرابة عامين بعدها يراسلها ويبادلها الثناء والنقد. وكتب من برلين في ٩ يوليو يقول:

"بما أننا قد رفعنا الكلفة فيما بيننا تماماً يا زليدة، فيجب علي أن أقول لك أن في قدراً من الغرور … يكفي لتخيلي أنك كنت حقاً تحبينني … وأن في من الأريحية ما يسمح لي بتجنب خديعتك … فلست أود الزواج منك لأكون ملكاً … فلا بد لزوجتي من أن تكون شخصية مناقضة تماماً لعزيزتي زليدة، إلا في الحب، والأمانة، ولطف الطبع" (١٠٦).

ولم تجب. فعاود الكتابة في ١ أكتوبر، مؤكداً لها أنها تحبه؛ ولك تجب. فعاود الكتابة مرة أخرى في ٢٥ ديسمبر.

"أيتها الآنسة، أنني رجل متكبر، وسأظل كذلك أبداً. وينبغي أن تفخري بتعلقي بك. ولست أعلم إن كان ينبغي أن أكون فخوراً بالمثل بتعلقك بي. أن الرجال الذين يملكون قلوباً وعقولاً مثلي نادرون. أما المرأة الكثيرة المواهب فليست بهذه الندرة … وقد تستطيعين أن توافيني بتفسير لمسلكك معي" (١٠٧).

أما ردها فيستحق أن يفرد له مكان في تاريخ المرأة. قالت:

" تلقيت رسالتك بفرح وقرأتها بشعور العرفان … وكل تعبيرات الصداقة تلك، ولكل تلك الوعود بالود الأبدي وبالذكرى الرقيقة أبداً، والتي خلصت إليها (من كلامها السابق له)، يعترف بها قلبي ويجددها في هذه اللحظة … وقد واصلت تكرار القول … بأنني كنت عاشقة لك … وأنت تصر على أن أعترف بهذا. وقد صممت على أن تسمعني أقوله وأردده. وأنني لأجد هذا نزوة في غاية الغرابة من رجل لا يحبني ويراه لزاماً عليه (بدافع اللياقة) أن يقول لي هذا بأصرح العبارات وأقواها … وقد صدمني وأحزنني أن أجد، في صديق كنت أتصوره رجلاً صغير السن موفور التمييز، والغرور المراهق الذي يتصف به أحمق مأفون.