"يا عزيزي بوزويل، لست مسئولة إطلاقاً عن أنه لم يحدث في أي لحظة أن اضطرم في صدرك حديثي أو لهجتي أو نظرتي. فإذا كان هذا قد حدث، فإنسه … ولكن لا تنسى ذكرى الأحاديث الكثيرة التي تبادلناها حين كان كلانا خلي البال كصاحبه: فكنت أنا مغتبطة جداً بتوهمي في غرور أنك متعلق بي، وكنت أنت سعيد بالمثل بأن تعدني صديقة-وكأن المرأة الكثيرة المواهب شيء نادر .. أقول احتفظ بهذه الذكرى، وثق بأن لك حناني، وتقديري، بل أقول واحترامي، على الدوام"(١٠٨).
وقد أدبت بوزويل هذه الرسالة تأديباً عابراً؛ فلزم الصمت عاماً. ثم كتب (١٦ يناير ١٧٦٦) من مارس إلى زليدة يطلب يدها "ألا يكون مؤسفاً ألا يتحقق ارتباط سعيد كهذا؟ "(١٠٩). ورد الوالد بأن زليدة تنظر في عرض آخر. وبعد عام أرسل إليها بوزويل عرضاً مباشراً. فأجابت، قرأت عبارات إعزازك المتأخرة بسرور، وبابتسامة. حسناً، إذن فقد أحببتني مرة" (١١٠) -ثم رفضت عرضه.
وبينما كانت لعبة المراسلة هذه دائرة كان بوزويل قد جرب الكثير من الأقطار والنساء. ففي برلين شهد فردريك على ساحة العرض، ولكنه لم يره أقرب من ذلك. وصحب إلى فراشه بائعة شوكولاته حبلى بدت له مرفأ سليماً. وفي ليبزج التقى بجيلبرت وجوتشيد، وفي درسدن زار "قاعة الصور الفخمة التي قيل لي إنها ارفع مثيلاتها في أوربا" (١١١). ثم هبط إلى سويسرا بطريق فرانكفورت وماينز وكارلسروهي وستراسبورج. وقد رافقناه من قبل في زيارته لروسو وفولتير. وفي تلك الأيام المجيدة أخمدت هالة العبقرية وحمى الشهرة شهوة الشباب.
وفي أول يناير ١٧٦٥ غادر جنيف ليعبر الألب. وأنفق تسعة شهور مبهجة في إيطاليا، ورأى كل مدينة كبيرة، وذاق طعم الأنثى في كل وقفه، وفي روما سعى للقاء فنكلمان، ولثم قدم البابا في خفها، وصلى في كاتدرائية القديس بطرس، والتقط عدوى مرضه المعضل من جديد. وارتقى فيزوف مع جون ولكس. وفي البندقية قاسم اللورد مونتستيوارت (بن ايرل بيوت)