للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محظيته، وجدد إصابته بمرضه القديم. وخلال شهر قضاه في سيينا تودد إلى يورتسيا سانسدوني، خليلة صديقه مونتستيوارت، وحثها على ألا تسمح لأي عاطفة وفاء بأن تعترض كرمها، لأن "سيدي اللورد في فطرته ما لا يجعل الوفاء خلة يقدر على التحلي بها أو يتوقعها منك" (١١٢).

على أن جانبه الأنبل تجلى في مأثرته التالية. فقد استقل مركباً من ليفورنو إلى كورسيكا (١١ أكتوبر ١٧٦٥). وكان باولي قد حرر الجزيرة من سلطان جنوده في ١٧٥٧ وله ثماني سنوات في حكم الدولة الجديدة. والتقى به بوزويل في سوللاكارو، وقدم إليه رسالة تعريف من روسو. وقد ظن به التجسس أول الأمر "ولكني سمحت لنفسي بأن أطلعه على مذكرة كتبتها في المزايا التي تحققها بريطانيا العظمى من تحالف تبرمه مع كورسيكا"، وبعدها كان يتغذى بانتظام مع الجنرال (١١٣). وقد دون الكثير من الملاحظات التي أفادها بعد ذلك في كتابه "وصف كورسيكا" (١٧٦٨). وغادر الجزيرة في ٢٠ نوفمبر، وسافر في محاذاة الرفيرا إلى مارسيليا. وهناك وافاه "قواد طويل القامة مهذب" بفتاة "أمينة، مأمونة، نزيهة" (١١٤).

وفي أكس-أن-بروفانس بدأ يوافي "اللندن كرونكل" بفقرات أنباء تنشر في طبعات متلاحقة ابتداء من ٧ يناير ١٧٦٦، أعلمت الجمهور البريطاني بأن جيمس بوزويل يمد إنجلترا بمعلومات مباشرة عن كورسيكا فلما وصل إلى باريس (١٢ يناير) أتاه نبأ من أبيه بأن أمه ماتت. وقد تكفل بمصاحبة صديقة روسو، تريز لفاسير، إلى لندن؛ وقد أسلمت نفسها له في الطريق أن كان لنا أن نصدق روايته. وتلبث في لندن ثلاثة أسابيع. ورأى جونسن في مناسبات عدة، وأخيراً مثل أمام أبيه في إدنبرة (٧ مارس ١٧٦٦). وكانت فترة السنوات الثلاث والشهور الأربعة التي قضاها في الاستقلال والرحلة قد أعانت على إنضاجه. صحيح أنها لم تضعف من شهوته أو من غروره، ولكنه وسعت معارفه وأفقه، وأعطته اتزاناً وثقة بالنفس جديدين، وأصبح الآن يلقب "بوزويل الكورسيكي"، رجلاً تغدى مع باولي، عاكفاً على تأليف كتاب قد يدفع بإنجلترا إلى مديد العون إلى ذلك المحرر وجعل الجزيرة حصناً بريطانياً في بحر استراتيجي.