٦٣٠ جنيهاً نظيرهما ونظير مجلدين آخرين قادمين. لا بل أن "مواعظ مستر يوريك" التي نشرت بعد "تراسترام" بأربعة أشهر حظيت ببيع سريع حين عرف أن يورك هو ستيرن. وأقبلت الدعوات على المؤلف من تشسترفيلد، ورينولدز، وروكنجهام، لا بل من الأسقف واربرتن، الذي فاجأه بخمسين جنيهاً إنجليزياً، وربما تفادياً من أن يزين الأسقف صفحة لاذعة الهجاء في مجلدات قادمة. واشترى ستيرن عربة وروجين من الخيل، وركبها في انتصار مرح عائداً إلى يورك، حيث وعظ في كنيستها الكبرى. ثم رقي إلى قسوسية أكثر ثراء في كوكسولد، على خمسة عشر ميلاً من يورك، فأخذ زوجته وابنته لتعيشا معه هناك، وهناك كتب المجلدين الثالث والرابع من "ترتسترام" في يسر غير معقول.
وفي ديسمبر من ذلك العام ١٧٦٠ ذهب إلى لندن ليتابع طبع المجلدين. ووصل ترتسترام الآن إلى رحلة الولادة بالجفت، الأمر الذي شوه أنفه، وعليه انطلق المؤلف في حديث مستفيض عن فلسفة الأنوف بأسلوب أكثر العلماء تفقهاً. فقال أحد الثقات إن أنف الطفل تحدده نعومة الثدي الذي يرضعه أو صلابته:"فالأنف حين يغوص فيه … كما يغوص في قطعة زبد كبيرة يرتاح ويتغذى ويسمن وينتعش ويحيا"(١٠).
وبعد قضاء نصف عام في لندن عاد ستيرن إلى زوجته التي أخبرته أنها كانت أسعد حالاً بدونه. فأنطوى على مخطوطاته، وكتب المجلدين الخامس والسادس، وفي هذين كاد ترتستام ينسى، وشغل المسرح العم طوبي والجاويش تريم بذكرياتهما عن الحرب وقلاعهما اللعب. وفي نوفمبر ١٧٦١ انطلق القسيس مرة أخرى إلى لندن، وفي آخر يوم من العام شهد صدور المجلدين الخامس والسادس. وقد حظيا باستقبال حسن. وراح يغازل المسز إليزابث فيزي، إحدى النساء المثقفات، وأقسم ليضحين بآخر مزقة من قسوسيته لقاء لمسة من يدها الملائكية! (١١) ثم أصيب بنزف رئوي، وهرب إلى جنوبي فرنسا. وتلبث في باريس زمناً كفى لحضوره بعض حفلات العشاء في "مجمع الملحدين" الذي تزعمه دولباخ، حيث استهوى ديدرو استهواء لم يفارقه. ولما سمع ستيرن أن زوجته مريضة، وأن ليديا مصابة