وفي حياته العسكرية وجد صفنه يتمدد بما فيه من سائل. "اضطررت اليوم (٦ سبتمبر ١٧٦٢) لاستشارة الجراح المستر أندروز في أمر علة أهملتها بعض الوقت، وهي ورم في خصيتي اليسرى يخشى أن تكون خطيرة"(٦٣). ففصد وأعطي مسهلاً، ولم يسفر هذا العلاج إلا عن تخفيف مؤقت. وقد قدر لهذه "العلة" أن تعذبه حتى كانت القاضية عليه.
وفي ٢٥ يناير ١٧٦٣ انطلق في رحلة إلى القارة. وتوقف برهة في باريس حيث التقى بدلامبير، وديدرو، ورينال، وغيرهم من نجوم حركة التنوير. "كان لي مكان خلال أربعة أيام في الأسبوع … على الموائد المضيافة للسيدتين جوفران وبوكاج، وهلفتوس الذائع الصيت، والبارون دولباخ … ومرقت أربعة عشر أسبوعاً دون أن أحس بها، ولكن لو كنت غنياً غير معتمد على أبي لأطلت المكث في باريس وربما جعلتها مستقري"(٦٤).
وفي مايو ١٧٦٣ وصل إلى لوزان حيث أقام قرابة عام. ورأى الآنسة كورشو، ولكن حين وجدها موفقة في خطبتها، ولم يحاول أن يجدد صداقته بها. ويعترف في هذه الزورة الثانية لسويسره قائلاً "أن عادات المليشيا وتمثلي بمواطني أفضيا بي إلى شيء من الإفراط الصاخب في الشراب، وقبل أن أرحل كنت قد فقدت عن جدارة رأي الناس الطيب في، وهو الرأي الذي ظفرت به في أيام سلوكي الأفضل"(٦٥). وقد خسر مبالغ كبيرة في القمار، ولكنه واصل دراساته إعداداً لإيطاليا، ومكباً على القديم من الميداليات، والعملات، وأدلة السياح، والخرائط.
وفي أبريل ١٧٦٤ عبر جبال الألب. وأنفق ثلاثة أشهر في فلورنسة، ثم مضى إلى روما. وأرشده مغترب اسكتلندي بين أطلال العصر الكلاسيكي القديم "في جهد يومي امتد ثمانية عشر أسبوعاً". يقول "في روما، وفي الخامس عشر من أكتوبر ١٧٦٤، بينما أنا جالس مستغرقاً في تأملاتي وسط خرائب الكابتول، وبينما الرهبان الحفاة يرتلون صلوات العشاء في معبد جوبتر، خطرت لي لأول مرة فكرة الكتابة عن اضمحلال وسقوط المدينة لا الإمبراطورية"(٦٦). وانتهى به التفكير إلى أن يرى في ذلك التفسخ المدمر