فنفث الدم من فمه وأنفه حين سعل. وأمر سكرتيرته بأن يستدعي جولتييه. ويقول فاجنيير معترفاً:"لقد أمسكت رسالتي لأنني كرهت أن يقال أن مسيو فولتير قد تخاذل، فأكدت له أن الأبيه لم يمكن العثور عليه"(١٧). وكان فاجنير عليماً بأن الشكاك في باريس يعللون أنفسهم بأن فولتير لن يستسلم للكنيسة في اللحظة الأخيرة، ولعله سمع بنبوءة فردريك الأكبر، "أنه سيخزينا جميعاً"(١٨).
وعاده ترونشان وأوقف النزيف، ولكن فولتير ظل يبصق الدم في الأيام الاثنين والعشرين التالية. وفي اليوم السادس عشر كتب إلى جولتييه يقول:"أرجو أن توافيني بأسرع ما تستطيع"(١٩). وجاء جولتييه في صباح الغد فوجد فولتير نائماً، فانصرف. وفي اليوم الثامن والعشرين سلم فولتير فاجنيير اعترافاً بالإيمان نصه:"إني أموت وأنا أعبد الله، وأحب أصدقائي، ولا أبغض أعدائي، وأكره الاضطهاد"(٢٠). وعاد جولتييه في ٢ مارس، وطلب فولتير الاعتراف على يديه، وأجاب الأبيه بأن جان دترساك كاهن سان-سولبيس اشترط عليه أن يحصل على عدول عن آرائه قبل أن يستمع إلى الاعتراف. واعترض فاجنيير. وطلب فولتير قلماً وورقاً، وكتب بخطه:
"أنا الموقع أدناه، نظراً إلى إصابتي في الشهور الأربعة الماضية بتقيؤ الدم، ولما كنت عاجزاً وأنا في الرابعة والثمانين عن جر نفسي إلى الكنيسة، ولما كان كاهن سان سولبيس يريد أن يضيف إلى حسناته حسنة بإيفاد الأبيه جولتييه إلي، فقد اعترفت على يديه، (وأعلن) أنه إذا قبضني الله إليه، فإني أموت على الدين الكاثوليكي الذي ولدت، مؤملاً في رحمة الله أن تغفر لي كل أخطائي، وإذا كنت قد صدمت الكنيسة في يوم ما، فإني أطلب المغفرة من الله ومنها. التوقيع، فولتير، في الثاني من مارس ١٧٧٨، في بيت المركيز فيليت (٢١).
ووقع المسيو فييليفل والأبيه منيو (ابن أخت فولتير) الإقرار بوصفهما شاهدين. وحمله جولتييه إلى رئيس الأساقفة في ضاحية كونفلانس وإلى