للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإنسانية والعدالة، وإلى تطهير القانون والعادات الفرنسية من المفاسد القانونية وألوان القسوة البربرية، فلقد حفز فولتير أكثر من أي فرد آخر تلك الحركة الإنسانية التي أصبحت من مفاخر القرن التاسع عشر. ولا حاجة بنا أن أردنا الإحساس بتأثير فولتير في الأدب إلا لتذكر فيلاند، وكلجرين، وجوته، وبايرون، وشلي، وهيني، وجوتييه، ورينان، وأناطول فرانس. ولولا فولتير لاستحال ظهور جبون؛ ويعترف المؤرخون بقيادته وإلهامه في التقليل من التركيز على جرائم الناس والحكومات وزيادة الاهتمام بتنميته المعرفة، والأخلاق، والسلوك، والأدب، والفن.

وقد شارك فولتير في إنداب الثورة الفرنسية بإضعاف احترام الطبقات المثقفة للكنيسة وإيمان الطبق الأرستقراطية بحقوقها الإقطاعية. ولكن تأثير فوليتر السياسي بعد عام ١٧٨٩ طغى عليه تأثير روسو. فقد بدا فولتير شديد المحافظة، شديد الازدراء لجماهير الشعب، شديد الاتسام بطابع السادة الإقطاعيين؛ وقد رفضه روبسير. أما بونابرت فأحس التأثيرين في تعاقبهما العادي. قال متذكراً تلك الحقبة "كنت حتى عامي السادس عشر على استعداد لمقاتلة أصدقاء فولتير دفاعاً عن روسو، أما اليوم فقد انعكس موقفي .. فكلما أمعنت في قراءة فولتير ازددت شغفاً به. فهو رجل معقول دائماً، لا بالمهرج ولا بالمتعصب أبداً" (٤٢). وبعد عودة ملوك البوربون أصبحت مؤلفات فولتير أداة للفكر البورجوازي ضد النبلاء والأكليروس المنبعثين من جديد. وقد صدرت بين عامي ١٧١٨ و١٨٢٩ أثنتا عشرة طبعة من مجموعة أعماله. في تلك السنوات الإثنتي عشرة بيع من كتب فولتير نيف وثلاثة ملايين مجلد (٤٣). ثم أسلمت الحرب الشيوعية التي تزعمها ماركس وإنجلترا القيادة مرة أخرى لروسو. ويمكن القول بوجه عام أن الحركات الثورية منذ ١٨٤٨ تبعت روسو أكثر من فولتير في السياسة، وتبعت فولتير أكثر من روسو في الدين.

وكان عمق تأثير لفولتير وأبقاه على الزمن تأثيره على الإيمان الديني. فبفضله وبفضل شركائه تجنبت فرنسا حركة الإصلاح الديني البروتستانتي،