للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ديسمبر على مسامع دوزو وغيره، وفي حجرته، فقرات طويلة من أعظم كتاب ألفه، واستمرت القراءة سبع عشرة ساعة قطعتها وجبتان خفيفتان عاجلتان (٥٤). وفي مايو ١٧٧١ قام بتلاوة أخرى أمام الكونت والكونتيسة أجمون، والأمير بيناتللي أجمون، والمركيزة دميم، والمركيز جوينيه، واختتم بتحد من نار:

"لقد كتبت الحقيقة. فإذا سمع أي شخص أشياء مناقضة لما قررته الآن، حتى إذا أثبتت ألف مرة، فهو لم يسمع سوى تشهير وافتراء، وإذا رفض بتاتاً أن يمحصها ويراجعها معي وانا حي فهو ليس صديقاً للعدالة أو الحق. أما عن نفسي فإني أعلنها صريحة دون أدنى خوف أن كل من دقق النظر في بعينيه- طبعي، وخلقي، وسلوكي، وميولي، ولذاتي، وعاداتي- حتى بغير قراءة كتبي، ثم حكم علي بأنني رجل غير شريف إنما يستحق أن يشنق" (٥٥).

والذين استمعوا إليه استنتجوا من شدة انفعاله أن عقله يوشك أن يختلط. وقال دوزو أن شكوك روسو واتهاماته لا تليق "بجان جاك الرجل السمح الفاضل"، فكان هذا النقد نهاية صداقتهما (٥٦). وحمل غيره من المستمعين أصداء هذه القراءات إلى صالونات باريس، وأحس بعض ذوي النفوس الحساسة أن روسو قد افترى عليهم. وكتبت مدام ديبنيه إلى مفتش عام الشرطة تقول:

"يجب أن أحيطك علماً مرة أخرى بأن الشخص الذي حدثتك عنه صباح أمس قد قرأ كتابه على السادة دورا، وييزيه، ودوز. ومدام يستخدم هؤلاء الرجال ليأتمنهم على القذف والتشهير فإن لك الحق في أن تحيطه برأيك في هذا الأمر. ويخيل إلي أنه ينبغي أن تكلمه بما يكفي من التلطف حتى لا يشكو، ولكن بحزم يثنيه عن العودة إلى خطئه. فإذا حصلت على كلمة شرف منه فإني أعتقد أنه لن يحنث بها. معذرة ألف مرة، ولكن سلامي النفسي كان في خطر" (٥٧).

وطلبت الشرطة إلى روسو أن يكف عن قراءات، فوافق، وخلص إلى أنه لم يستطع قط أن يظفر بالاستماع المنصف إليه في حياته، وأعان