بين حالات الطبيعة وحالاتهم النفسية وتسلق الرجال الجبال، والتمس الرجال منهم الوحدة ودلل "أنا".
واستسلم الأدب بجملته تقريباً لروسو والموجة الرومانتيكية، فغمر جوته بطله "فوتر" فيفيض من الحب، والطبيعة، والعبرات (١٧٧٤)، وجعل بطله فاوست يختزل نصف روسو في كلمات ثلاث "الوجدان هو الكل". قال قي ١٧٨٧ مسترجعاً ذكرياته "كان لكتاب أميل وما حوى من عواطف تأثير شامل على العقل المثقف"(٨٠) وأكد شيلر التمرد على القانون في "اللصوص"(١٧٨١)، وحيا روسو محرراً وشهيداً، وقارن بينه وبين سقراط (٨١)"تعالى يا روسو وكن لي مرشداً"(٨٢). وأعانت بلاغة روسو على تحرير الشعر والمسرحية الفرنسيين من قواعد بوالو، وتقليد كورنيي وراسين، وقيود الأسلوب الكلاسيكي الصارمة. وقد أبدع برناردان دسان- بيير، وهو تلميذ متحمس لروسو، رائعة رومانسية في "بول وفرجيني"(١٧٨٤). وانتصر تأثير جان- جاك الأدبي بعد الفاصل النابليوني في أشخاص شاتوبريان، ولامارتين، وموسيه، وفيني، وهوجر، وجوتييه، وميشليه، وجورج صاند. وقد أنجب هذا التأثير جيلاً من الاعترافات، وأحلام اليقظة، وقصص العاطفة أو الغرام، وحبذا تصور العبقرية على أنها فطرية لا تعرف قانوناً، وأنها القاهرة لتقليد والتقييد، فحرك في إيطاليا ليوباردي، وفي روسيا بوشكن وتولستوي، وفي إنجلترا وردزورث، وصذي، وكولردج، وبايرن، وشلي، وكيتس، وفي أمريكا هوثورن وثورو.
ونصف فلسفة القرن المحصورين "هوليز الجديدة"(١٧٦١) وكتاب داروين "أصل الأنواع"(١٨٥٩) يلونه تمرد روسو على عقلانية حركة التنوير. والواقع أن روسو كان قد أعرب من قبل في رسالة وجهها عام ١٧٥١ إلى بورد عن احتقاره للفلسفة (٨٣)، وأقام احتقاره هذا على عجز العقل في زعمه عن تعليم الفضيلة للناس. فالعقل يبدو أنه بغير حس أخلاقي، وهو يناضل للدفاع عن أي رغبة مهما كانت فاسدة إذن فالحاجة إلى شيء